غلوا في علي رضي الله عنه وفي أهل بيته ، وكان سبب تسميتهم بهذا الاسم انهم طلبوا من زيد بن علي أن يتبرأ من إمامة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما لم يجبهم انفضوا عنه. فقال رفضني هؤلاء فسموا رافضة وهؤلاء الروافض أخبث الناس قولا في صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأكذبهم في الحديث عنه. ويقولون بالإمام المعصوم وبالتقية والرجعة وهم خارجون عن دائرة الاسلام. والتأويل كذلك هو السبب في خروج البغاة على الأئمة ، وشقهم عصا الطاعة وخروجهم عن الجماعة وترويعهم المسلمين ويظنون أنهم بذلك من أهل الاحسان لأنهم يريدون إقامة العدل ، ودك صروح الظلم والطغيان وينسون قوله عليهالسلام «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه» وهو كذلك السبب فيما ذهب إليه أهل الاعتزال من أقوال منكرة كانت معاول هدم في صرح الايمان منها قولهم أن كلام الله مخلوق منفصل عنه ، وليس صفة قائمة به فخالفوا بذلك العقل والنقل واتوا منكرا من القول وزورا. وقد سبق الكلام في هذه المسألة ، ومنها تكذيبهم بقضاء الله وقدره وقولهم أن الأمر أنف وأن الله لم يكن يعلم أعمال العباد قبل أن يفعلوها وأن الله لا يريد أفعال العباد ولا يقدر عليها ، بل هم الذين يخلقونها ، فأشبهوا بذلك المجوس حيث اثبتوا خالقا غير الله.
ومنها حكمهم على أهل الكبائر بالخلود في النار مع الكفار كما قالت الخوارج الا أنهم لا يسمونهم كفارا ولا مؤمنين بل يجعلونهم في منزلة بين المنزلتين ومنها انكارهم لشفاعة النبي صلىاللهعليهوسلم في أهل الكبائر وهي ثابتة بالأحاديث البالغة حد التواتر ويتمسكون في هذا بالآيات التي تنفي الشفاعة (١) مع أنها خاصة بالشفاعة لأهل الشرك ، ونفي الشفاعة عن هؤلاء يفيد ثبوتها لغيرهم كقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة : ٢٥٥] فنفي الشفاعة بغير اذن يفيد ثبوتها بالاذن كقوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ
__________________
(١) مثل قوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر : ٤٨] وقوله على لسان المشركين : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء : ١٠٠].