وأشياعه على هذا النفي الا شبه واهية يسمونها عقلية ، وهي جهليات لا تغني من الحق شيئا كقولهم : اذا كان الله في جهة كان محدودا ومتحيزا وذا صورة ، ويمكن أن يشار إليه بالاشارة الحسية وهذا من خواص الاجسام.
والجواب ما قدمناه من أن استواءه تعالى على العرش ليس كاستواء المخلوق على المخلوق ، فلا يلزمه ما يلزمها ، على أن ما ذكروه من اللوازم ليس كله فاسدا ، كالحد والتحيز والصورة والاشارة الحسية الخ ، وادعاؤهم أن هذا من لوازم الأجسام أن أرادوا تلك الأجسام الاصطلاحية التي هي مركبة عندهم ، أما من الجواهر الفردة على رأي المتكلمين أو الهيولي ، والصورة على رأي الفلاسفة فممنوع ، وانما هي من خواص كل موجود قائم بنفسه وله وجود مستقل ، اذ لا يعقل وجود بدون هذه اللوازم ، ولأجل التأويل أيضا جحد الجهم وأشياعه صفات الله عزوجل من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام وغيرها. وقالوا لا نصفه بصفة المخلوق ، ومنهم من أثبت بعضا ونفى بعضا على اختلاف مذاهبهم في التجهم والتعطيل ، وكل من نفى صفة من الصفات اضطر الى تأويل ما ورد في اثباتها من النصوص ، ولا متمسك لهم على هذا النفي أيضا الا ادعاؤهم أن الاثبات يقتضي المماثلة بين الله عزوجل وبين خلقه ، وهو وهم فاسد ، فإن الاثبات لا يستلزم المماثلة ، بل يثبت للخالق من ذلك ما يليق به ويثبت للمخلوق ما يليق به ، فليس العلم كالعلم ، ولا القدرة كالقدرة ، وليست اليد كاليد ولا العين كالعين ، وليس الاستواء كالاستواء ولا النزول كالنزول الخ. فان الاشتراك انما هو في مسمى الاسم الكلي ، وذلك يستلزم التماثل بين أفراده في الخارج ، ألا ترى أن الوجود الكلي يشترك فيه الواجب والممكن ، وليس وجود الواجب في الخارج يماثل وجود الممكن ، وهكذا ، ولأجل التأويل ذهب الجهم الى القول بفناء الجنة والنار ، وهي مقالة لم يقلها في الاسلام غيره.
وقال هو ومن تبعه من المعتزلة والأشاعرة ان الله لم يكن فاعلا في الأزل ثم صار فاعلا ، أي انه لم يزل معطلا عن الفعل مدة لا نهاية لها من الزمان قبل أن