فأراد تبديل المعاني اذ هي |
|
المقصود من تعبير كل لسان |
فأتى إليها وهي بارزة من ال |
|
ألفاظ ظاهرة بلا كتمان |
فنفى حقائقها وأعطى لفظها |
|
معنى سوى موضوعه الحقاني |
فجنى على المعنى جناية جاحد |
|
وجنى على الألفاظ بالعدوان |
الشرح : وهناك بلية أخرى خفية قد ابتلى بها هؤلاء المتأولون قد لا يفطن إليها كثير من الناس ، وهي أنهم ورثوا تحريفهم للنصوص عن اليهود واتبعوا سنتهم فيه حذو القذة بالقذة ، فإن اليهود ـ قبحهم الله ـ جمعوا بين جريمة التحريف الذي هو تفسير الألفاظ بغير معانيها وإمالتها عن المقصود منها وبين جناية التبديل الذي هو حذف بعض نصوص الكتاب المنزل ووضع أخرى مكانها مما كتبته أيديهم وزورته أقلامهم ، وبين خيانة الكتمان الذي هو اخفاء ما عندهم من الحق وعدم بيانه للناس مع حاجة الناس إليه ، فأراد هؤلاء المتأولون أن يرثوا عن اليهود هذه العظائم الثلاث. ولكنهم لم يجدوا إلى التبديل والكتمان سبيلا ، إذ كانت ألفاظ النصوص محفوظة لا يمكن لأحد أن ينال منها بتغيير أو تبديل ، ولا بحذف أو زيادة ، كما لا يمكن أن يجحد منها شيئا ، فاكتفى من ذلك بالتحريف وتبديل المعاني التي هي المقصود من الألفاظ ، فعمد إليها وهي بارزة من الألفاظ تكاد تنطق معلنة عن نفسها وتتراءى للعقول من خلال الألفاظ واضحة لا خفاء فيها ، فنفى حقائقها وحول الألفاظ إلى معان أخرى ، يعلم كل من مارس اللغة وعرف مدلولاتها أنها ليست هي المقصود من هذه الألفاظ وبذلك جنى على المعاني والألفاظ جميعا ، فجنى على المعاني بالجحد والانكار ، وجنى على الألفاظ بحملها قسرا على ما لا تحتمله من المعاني عدوانا وظلما ، فبعدا للقوم الظالمين.
* * *
وأتى إلى حزب الهدى أعطاهم |
|
شبه اليهود وذا من البهتان |
اذ قال انهم مشبهة وأنتم |
|
مثلهم فمن الذي يلحاني |