معانيها المتبادرة منها ، وادعاء أنه لا يمكن فهم مقصود المتكلم بهذه الألفاظ لاحتمالها لعدة معان ، فقل له : دع عنك هذه الجعاجع والمغالطات ، فكل لفظ من هذه الالفاظ الثلاثة واضح الدلالة على معناه.
فالمراد بالعرش هنا ليس إلا عرش الرب جل شأنه الذي هو فوق السموات وهو المذكور في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) [غافر : ٧] وفي قوله : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ) [غافر : ١٥] وفي قوله (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [المؤمنون : ٨٦] إلى ما لا يحصى من الآيات والأحاديث واللام فيه للعهد الذهني ، وليس في هذا اللفظ بحمد الله اجمال يحتاج معه إلى تفصيل ، ولا هو موهم أنه مستعمل في معنى مجازي ، ولا هو من الالفاظ المشتركة الموضوعة لعدة معان ، وهو العرش الذي شهد الرسول صلىاللهعليهوسلم وجميع الأنبياء قبله بثبوته لربهم ، وقد عرفنا نحن ذلك من أخبارهم كما عرفوه هم بالوحي الذي أنزل عليهم ممن على العرش استوى جل وعلا.
* * *
لم تفهم الأذهان منه سرير |
|
بلقيس ولا بيتا على الأركان |
كلا ولا عرشا على بحر ولا |
|
عرشا لجبريل بلا بنيان |
كلا ولا العرش الذي ان ثل من |
|
عبد هوى تحت الحضيض الداني |
كلا ولا عرش الكروم وهذه |
|
الأعناب في حرث وفي بستان |
لكنها فهمت بحمد الله منه عر |
|
ش الرب فوق جميع ذي الاكوان |
وعليه رب العالمين قد استوى |
|
حقا كما قد جاء في القرآن |
الشرح : يعني أن العرش المذكور في مثل قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥] قد جاء إما مطلقا معرفا بلام العهد كما في الآية ، أو مضافا إلى الرب جل شأنه كما في قوله «وكان عرشه على الماء» فلا يمكن أن يفهم الذهن منه غير معنى واحد وهو هذا الجسم المخصوص الذي تنتهي به كرة