لا تلبسوا بالباطل الحق الذي |
|
قد بين الرحمن في الفرقان |
الشرح : وكذلك الفعل استوى إذا تعدى بالحرف ، فإن معناه في غاية الظهور فليس فيه اجمال يحتاج معه إلى التفصيل ولا هو من الالفاظ المشتركة التي تحتمل أكثر من معنى ولا هو منقول من حقيقته إلى مجازه ، بل إذا تعدى بعلى الموضوعة للاستعلاء كان نصا في العلو لا يحتمل معنى آخر ، قال تعالى : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [المؤمنون : ٢٨] وقال : (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ) [الزخرف : ١٣] ولا يمكن أن يقال استوى على كذا من غير أن يفيد ذلك معنى العلو ، ويكون نصا فيه ، وإذا تعدى بإلى أفاد القصد مع العلو وضعا يقال استوى إلى كذا بمعنى قصد إليه مستعليا عليه ، وقوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) [فصلت : ١١] يفيد القصد إلى خلقها مع الاحكام والاتقان للخلق كما قال تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات : ٤٧] أما قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥] فهو مطلق لا يفيد إلا علوه تعالى على العرش الذي قام على أركانه بعد السموات ، والذي هو أعلى الموجودات ، ولكن الجهمي المعطل يعجز عن فهم هذه المعاني لجهله بأوضاع اللغة والله هو الذي يهب الفهم من يشاء بمنه وكرمه. أما إذا اقتضى الفعل استوى واو المعية كما في قولنا : استوى الماء والخشبة أفاد أن ما قبل الواو قد ساوى ما بعدها. فإذا أتى من غير حرف واستعمل لازما كما في قوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) [القصص : ١٤] أفاد معنى الكمال وتمام القوة. هذه هي استعمالات الفعل استوى في لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم ، فلا تخلطوا أيها الجهمية الحق الذي بينه الله في كتابه بما تختلقونه من المفتريات والأباطيل.
* * *
وعلا للاستعلاء فهي حقيقة |
|
فيه لدى أرباب هذا الشأن |