البنيان التي لا حس ولا حركة ، فكيف حال من كان يجامع أهله ثم أنقضت تلك الحركات قبل أن ينزع عنها أيظل على حاله تلك من الغشيان والإيلاج؟
وكيف حال من رفعت يده اللقمة الى فيه فتناهت الحركات قبل وصولها إلى فمه أيظل فمه هكذا مفتوحا في انتظار اللقمة التي لن تصل إليه؟
ثم ما حال هذا الذي امتدت يده الى عذق من الرطب ثم دخل هذا الوقت قبل تناوله هل تبقى يده ممدودة هكذا سائر الأزمان؟
ألا تبا لعقل يقدم على مثل هذه الترهات والأباطيل ، ويقدمها على النصوص الصريحة من الكتاب والسنة والآثار.
* * *
وقضى بأن الله يعدم خلقه |
|
عدما ويقلبه وجودا ثان |
العرش والكرسي والأرواح وال |
|
أملاك والأفلاك والقمران |
والأرض والبحر المحيط وسائر ال |
|
أكوان من عرض ومن جثمان |
كل سيفنيه الفناء المحض لا |
|
يبقى له أثر كظل فان |
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا |
|
محض الوجود اعادة بزمان |
الشرح : يرى الجهم أن العالم كله علويه وسفلية سيفنى يوم القيامة ويصير إلى العدم المحض مستدلا بمثل قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] زاعما أن الهلاك في الآية معناه الفناء المحض ، وهذا محض افتراء فإن لفظ الهلاك انما يستعمل في اللغة بمعنى التحلل والفساد وتفرق الأجزاء ، ولا شك أن الأشياء جميعا قابلة للهلاك بهذا المعنى.
على أن قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) هو من العام المخصوص ، كما في قوله تعالى (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) [الاحقاف : ٢٥] والمراد به هلاك ما على الأرض من انسان وحيوان ، كما في قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) [الرحمن : ٢٦].