ومثل قوله صلىاللهعليهوسلم «أريت الجنة والنار» وقوله «لما أصيب اخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة تأكل من ثمارها وتشرب من أنهارها».
ويرى الجهم أيضا أن الجنة والنار إذا وجدتا في يوم المعاد فانهما لا تبقيان على سبيل التأبيد والخلود ، كما تدل على ذلك أيضا نصوص الكتاب والسنة ، بل يرى أنه سيأتي وقت تفنى فيه الجنة والنار وأهلهما بحيث لا يبقى مع الله شيء موجود ، لأن كل ما له ابتداء عنده يجب أن يكون له انتهاء.
وأما أبو الهذيل العلاف ، وهو رأس من رءوس الاعتزال ومن أتباع جهم في المروق والضلال ، فقد تلطف في الأمر فلم يقل بالفناء المحض ، ولكنه أتى بما يثير الضحك ويبعث على السخرية به حين قال بانقطاع حركات أهل الجنة وأهل النار بحيث يبقون فيهما همودا جمودا ساكنين وحينئذ لا يقدر الله عزوجل أن يزيد في لذائذ أهل الجنة لذة ولا أن يزيد في عذاب أهل النار ألما ، فهل رأيت أعجب مما يهذي به هذا الجاهل المأفون.
* * *
أيصير أهل الخلد في جناتهم |
|
وجحيمهم كحجارة البنيان |
ما حال من قد كان يغشى أهله |
|
عند انقضاء تحرك الحيوان |
وكذاك ما حال الذي رفعت يدا |
|
ه أكلة من صفحة وخوان |
فتناهت الحركات قبل وصولها |
|
للفم عند تفتح الأسنان |
وكذلك ما حال الذي امتدت يدا |
|
منه الى قنو من القنوان |
فتناهت الحركات قبل الأخذ هل |
|
يبقى كذلك سائر الأزمان |
تبا لهاتيك العقول فأنها |
|
والله قد مسخت على الأبدان |
تبا لمن أضحى يقدمها على ال |
|
آثار والأخبار والقرآن |
الشرح : هذه الأبيات كلها في بيان شناعة ما ذهب إليه أبو الهذيل من انقطاع حركات أهل الجنة وأهل النار بحيث يبقون ساكنين جامدين كحجارة