فيقال هل في العقل تجسيم |
|
أم المعقول ننفيه كذا النقصان |
إن قلتم ننفيه فانفوا هذه |
|
الأوصاف وانسلخوا من القرآن |
أو قلتم نقضي بإثبات له |
|
ففراركم منها لأي معان |
أو قلتم ننفيه في وصف ولا |
|
ننفيه في وصف بلا برهان |
فيقال ما الفرقان بينهما وما ال |
|
برهان فاتوا الآن بالفرقان |
الشرح : لما طالبناهم بتحقيق الفرق بين هذا الذي أثبتوه من صفات المعاني وبين ما نفوه من الصفات الخبرية ، أجابوا أولا بأن هذه الأخيرة مفضية إلى التجسيم والحدوث بخلاف الأولى فإنها لا تقتضيه ، ولما بينا لهم أن هذا الفرق غير سديد ، لأن كلا مما أثبتوه وما نفوه هو الشاهد من صفات الأجسام ، فإثبات أحدهما موجب لإثبات الأخر ، ونفيه موجب لنفي الآخر لجئوا إلى فرق آخر ، وهو أن هذه الصفات السبع إنما أثبتناها بالعقل ، فإن وجود المخلوقات دل على القدرة ، وما فيها من التخصيصات دل على الإرادة ، والإتقان في الصنعة دل على العلم والسمع والبصر ، وهذه الخمس تدل على الحياة مع ظاهر القرآن ، فلذلك صناها عن التأويل ، بخلاف الصفات الأخرى فإنها لم تثبت بالعقل ، فاضطررنا إلى تأويل الظواهر الواردة فيها.
فأعجب لهذا الاعتراف منهم على أنفسهم بأن عقولهم دلت على التجسيم بالبرهان وحينئذ يقال لهم إن كان في العقل ما يدل على نفي التجسيم وأنتم تنفونه غاية النفي فيلزمكم نفي ما أثبتموه من الصفات السبع ، وموافقة الجهمية في التعطيل التام وإن كان فيه ما يقتضي التجسيم ويدل على ثبوته ، فلأي شيء تفرون من إثبات ما وردت به النصوص من الكتاب والسنة ، وإن قلتم ننفيه في بعض الأوصاف دون بعض فاذكروا لنا الفرق بينهما ويلزمكم الإتيان ببرهان صحيح على هذا الفرق حتى يمكن قبول دعواكم فيه.
والحاصل أنه لا مخلص لهم من اختيار واحد من هذه الوجوه الثلاثة فيلزمهم حينئذ لازمه المترتب عليه.