على حد المثل القائل (رمتني بدائها وانسلت) فهم يشبهون الخوارج في عداوتهم للسنن وأهلها ، فلا شيء أبغض إليهم من ذكر الآثار التي تصادم مذاهبهم في التعطيل ، ولهذا تراهم يكرون عليها بالإبطال والتأويل والتهوين من شأنها ، ويسلون على رواتها والمتمسكين بها سيوف البغي والعدوان ، مرة باليد ومرة باللسان ، فهم أحقاء بأن يسموا بالخوارج البغاة لخروجهم على السنة وأهلها ومعاداتهم لها. كما خرج الذين من قبلهم على أئمة الحق بالبغي والعدوان بل لو حققت الأمر عليهم لوجدتهم شرا من الخوارج حالا وأضل سبيلا ، فإن الخوارج إنما كفروا فساق ملته عليه الصلاة والسلام. وأما هؤلاء فيكفرون أصحاب سنته ، فمن يلومنا إذا ، إذا نحن قلنا أن الخوارج خير منهم حالا وأهدى سبيلا ، وإذا نحن أقسمنا بأن الفئتين لا تستويان ، وهل يستوي مكفر بالسنة العليا ومكفر بالفسق والعصيان فشتان ما بينهما شتان.
* * *
قلتم تأولنا كذاك تأولوا |
|
وكلاكما فئتان باغيتان |
ولكم عليهم ميزة التعطيل |
|
والتحريف والتبديل والبهتان |
ولهم عليكم ميزة الإثبات |
|
والتصديق مع خوف من الرحمن |
ألكم على تأويلكم أجران إذ |
|
لهم على تأويلهم وزران |
حاشا رسول الله من ذا الحكم بل |
|
أنتم وهم في حكمه سيان |
وكلاكما للنص فهو مخالف |
|
هذا وبينكما من الفرقان |
هم خالفوا نصا لنص مثله |
|
لم يفهموا التوفيق بالإحسان |
لكنكم خالفتم المنصوص للشبه |
|
التي هي فكرة الأذهان |
فلأي شيء أنتم خير وأقرب |
|
منهم للحق والإيمان |
هم قدموا المفهوم من لفظ |
|
الكتاب على الحديث الموجب التبيان |
لكنكم قدمتمو رأي الرجا |
|
ل عليهما أفأنتما عدلان |
أم هم إلى الإسلام أقرب منكم |
|
لاح الصباح لمن له عينان |