برجليه فلم يستطع النهوض. الردى : الهلاك ـ النوح : جمع نائح ، والمراد به الطير التي تنوح على الأغصان. يخبط : يضرب بجناحيه فرجة العيدان : ما بينهما من اتساع ـ أخلى : ترك ـ الإفناء : جمع فنن وهو الغصن.
الشرح : ينادي الشيخ رحمهالله جمهور هؤلاء الجهمية من المقلدين لأشياخهم في الضلال بأنه شاهد رءوسهم ، أي زعماءهم على تلك الحال من الزراية بالسنن والبرم بها اذا رويت ، لما فيها من نسف مذاهبهم في التعطيل والالحاد. ويقول أن هذا لم ير من انسان قط الا وكان ممتلئ الفؤاد غيظا وغلا على السنة وأهلها. وأن ذلك موجود أيضا في كتبهم ، فتراهم لا يألون جهدا في التهوين من شأن هذه الآثار ومقابلة كثير منها بالطعن والانكار ، لكن مع لطف في العبارة وحسن في البيان ، حتى لا يفطن أحد الى ما تكنه صدورهم من زراية وامتهان ، ولا يظنن أحد أننا نتجنى على القوم أو نتهمهم بغير الحق ، فتلك كتبهم تخبر عنهم كل من ينظر فيها وتشهد عليهم شهادة صدق ، فليقرأها من شاء ليتأكد من صحة ما نسبناه إليهم ، لكنا مع ذلك ننصح كل أحد أن لا يقرأ هذه الكتب حتى لا يقع في حبائلها ويغره ما فيها من تزويق المنطق وتنميق الأفكار ، لا سيما اذا لم يكن ممن رسخ في علوم الكتاب والسنة قدمه ولا تمكن منهما فهمه ، فهذا لا يلبث أن يقع أسير شباكها ، تبكيه نائحة الدوح على غصنها ، وهو يجتهد في طلب الخلاص فلا يستطيع ، والذنب في ذلك ذنبه هو ، حيث ترك أطيب الثمرات على أغصانها العالية حلوة المجتنى طيبة المأكل ، وهبط الى المزابل وأمكنة القذارة يتقمم الفضلات كما تفعل الديدان والحشرات.
وما أروع تشبيه الشيخ رحمهالله حال من وقع أسير هذه الكتب وما فيها من ضلالات مزوقة قد فتن بها لبه وتأثر بها عقله ، بحال طير في قفص قد أحكم غلقه فهو يضرب بجناحيه طالبا للخلاص منه فلا يجد فرجة ينفذ منها لضيق ما بين العيدان من فرج.
وما أجمل أيضا تشبيهه لعقائد الكتاب والسنة بثمرات شهية كريمة المذاق على أغصان عالية ، بحيث لا يصل إليها فساد ولا يلحقها تلوث ، وتشبيهه لعقائد