صلى عليه الله ما هذا الذي |
|
يأتي به من بعد ذا ببيان |
ما ذا يقول القاصد التبيان يا |
|
أهل العمى من بعد ذا التبيان |
الشرح : فنصوص الكتاب والسنة هي الغاية في البيان والدلالة على المعنى المقصود ، بحيث لا يمكن ان يتسامى إلى رتبتها في ذلك كلام أحد من الناس ، فاختصاصهما بالإيضاح والبيان كاختصاصهما بالجودة والإتقان ، فليس بعد بيان الرسول مطمح لناظر ولا غاية لمستدل ، فمن لم يهتد به ولم يدرك المراد منه فليتهم نفسه ، فإنه إنما أتى من جهة عماه وفساد نظره ، وإن شئت دليلا على ذلك فانظر إلى ما أجاب به الرسول صلىاللهعليهوسلم من سأله من أصحابه عن رؤية المؤمنين لله عزوجل في الجنة حيث قال «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب وكما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب» ولم يرد الرسولصلىاللهعليهوسلم بذلك تشبيه المرئي بالمرئي ، فإن الله عزوجل لا يشبهه شيء من خلقه ، وإنما قصد إلى تحقيق الرؤية وتأكيدها ، فشبه رؤيتنا له برؤية الشمس والقمر وهما في أتم أحوالهما من حيث الجلاء والظهور ، وهو أن يكون القمر بدرا ، وأن تكون الشمس في نحر الظهيرة ، وقد انتفى عنهما كل ما يحول دون رؤيتهما من سحاب وقتر ، فجمع صلىاللهعليهوسلم في كلامه بين وجود المقتضى للرؤية وانتفاء المانع منها خشية ان يقع في كلامه نقص أو قصور ، فما ذا كان يمكن ان يأتي به صلىاللهعليهوسلم من زيادة على هذا البيان ، وما ذا عسى ان يقوله القاصد للبيان من بعد هذا التبيان؟ اللهم إنه العمى والخذلان وغرور الإنسان ، يحول بينه وبين رؤية الحق الظاهر للعيان.
* * *
فبأي لفظ جاءكم قلتم له |
|
ذا اللفظ معزول عن الإيقان |
وضربتم في وجهه بعس |
|
اكر التأويل دفعا منكم بليان |
لو أنكم والله عاملتم بذا |
|
أهل العلوم وكتبهم بوزان |
فسدت تصانيف الوجود بأسرها |
|
وغدت علوم الناس ذات هوان |