فلأجل ذا نبذوا الكتاب وراءهم |
|
ومضوا على آثار كل مهان |
ولأجل ذاك غدوا على السنن التي |
|
جاءت وأهليها ذوي أضغان |
يرمونهم كذبا بكل عظيمة |
|
حاشاهم من أفك ذي بهتان |
الشرح : فالخلاف الواقع في ذلك اللفظ ليس في المعنى الموضوع له ، فإن ذلك لم يختلف فيه اثنان ، وإنما الخلاف فيما يعتريه من أحوال من حيث الجمود والاشتقاق والأصل الذي يرجع إليه الاشتقاق ونحو ذلك ، كما اختلفوا في لفظة مكة على قولين من حيث الأصل الذي اشتقت منه ، فمنهم من قال أنها من مكئه بمعنى أهلكه لأنها تهلك كل من قصدها بسوء ، وقيل من أمتك الفضيل الضرع إذا امتص كل ما فيه لذهابها بالفضل على سائر القرى.
ولكن أحدا لم ينازع في أن هذه اللفظة علم على حرم الله الآمن وقبلته التي ارتضاها لعباده ، وكذلك اختلفوا في اشتقاق لفظة أحمد ، وهل هي بمعنى اسم الفاعل أو المفعول ، ولكنهم متفقون على أن المراد بها هو رسول الله المبعوث بالبراهين والبينات. ومثل هذا كثير لا يمكن حصره ، ولكن القوم قل منهم الحياء من الله جل وعلا. فقالوا على كتابه وسنة رسوله بهتانا عظيما. وقضوا عليها بمثل هذه الهذيانات فعزلوا نصوصهما عن إفادة العلم واليقين ، فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به هؤلاء الأدعياء للمعرفة وهم في الغاية القصوى من الجهل والغباء الذين نبذوا كتاب ربهم وراء الظهور وصاروا أعداء للسنة وأهلها يرمونهم بكل قبيح من الألقاب ، وبكل فاحش من السباب من أجل قاعدة موهومة يحسبونها شيئا وهي سراب ، ولكن هؤلاء مبرءون مما يبهته به هؤلاء الأفاكون ، وهم عند الله أولو الألباب.
* * *