عند النصوص يحكمها في كل مسألة من مسائل الدين ، فقد أصبح بذلك أهلا لأن يتصدى للحكومة بين المتنازعين ، فليجلس إذا في مجلس الحكمين وليكن في حكمه طالبا وجه الحق لا يصدر في حكمه عن هو نفس ، ولا إيحاء شيطان ، والحكمان هما النقل الصحيح أولا من الكتاب والسنة ثم بعده العقل الصريح. الخالي من شوائب الجهل والوهم وفطرة الله التي فطر الناس عليها ، والتي لم تفسد بالتقليد والجمود ، ثم ليحكم بعد ذلك في جماعة من الرفقاء قد سافروا يقصدون الوصول إلى مبدع هذه الأكوان جل شأنه.
والسفر هنا كناية عن سفر الفكر والطلب بالنظر. فبدءوا السفر من نقطة واحدة وترافقوا في سيرهم ولكنهم لم يلبثوا أن افترقوا وذهبوا في ربهم مذاهب شتى. فذهب فريق وهم أصحاب وحدة الوجود بزعامة ابن عربي الزنديق أن الله هو هذا الوجود بعينه وعيانه ، وأنه ليس هناك إلا موجود واحد وإنما يغلط اللسان فيقول موجودان.
* * *
فهو السماء بعينها ونجومها |
|
وكذلك الأفلاك والقمران |
وهو الغمام بعينه والثلج وال |
|
أمطار مع برد ومع حسبان |
وهو الهواء بعينه والماء وال |
|
ترب الثقيل ونفس ذي النيران |
هذي بسائطه ومنه تركبت |
|
هذي المظاهر ما هنا شيئان |
وهو الفقير لها لأجل ظهوره |
|
فيها كفقر الروح للأبدان |
وهي التي افتقرت إليه لأنه |
|
هو ذاتها ووجودها الحقاني |
الشرح : هذا تفريع على ذلك المذهب الفاسد القائل بأن الحق هو عين الخلق وأنه ما ثم إلا وجود واحد ، وأن هذه الكثرة التي نراها إنما هي مظاهر له فقط وأثواب يلبسها ويخلعها. فهو السماء بما فيها من شمس وقمر ونجوم وأفلاك ، وهو هذا السحاب الذي نراه مسخر بين السماء والأرض بما فيه من ثلج وبرد وأمطار وهو الهواء والماء والتراب والنار ، التي هي البسائط الأربعة في زعم