قالوا وانما وقع ذلك الانكار من هارون على قومه لما سرى في خاطره من معنى الغيرية ، وكانوا هم أعلم منه بالحقيقة ، حيث لم يشاهدوا الا الله وقت عبادتهم العجل (١). فانظر إلى كذب هؤلاء الدجاجلة المارقين حيث جعلوا الضلال هدى ، ونسبوا الى كليم الله موسى الرضي بعبادة غير الله ، وجعلوا عبدة العجل أعلم بالله من نبي الله ورسوله هارون ، كما جعلوا فرعون آنفا أعلم بالحق من موسى الكليم.
* * *
ولقد رأى إبليس عارفهم فأه |
|
وى بالسجود هوي ذي خضعان |
قال له ما ذا صنعت فقال هل |
|
غير الاله وانتما عميان |
ما ثم غير فاسجدوا أن شئتم |
|
للشمس والأصنام والشيطان |
فالكل عين الله عند محقق |
|
والكل معبود لذي العرفان |
هذا هو المعبود عندهم فقل |
|
سبحانك اللهم ذا السبحان |
يا أمة معبودها موطوؤها |
|
أين الاله وثغرة الطعان |
يا أمة قد صار من كفرانها |
|
جزء يسير جملة الكفران |
الشرح : يعني أن عارف هؤلاء الجاهلين وهو ابن عربي رأس الالحاد وأمام الزندقة رأى ابليس في زعمه فهوى بالسجود له في ذلة وخضوع ، فلما أنكر عليه صاحباه ذلك الصنيع قال لهما موبخا : وهل غير الإله رأيت ، أم قد عميت منكم العينان ليس هناك غير قط ، فاسجدوا أن شئتم للشمس أو للأصنام ، أو للشيطان ، فإن الكل عين الحق والكل أهل للعبادة لشهود الحق فيه ، عند أهل المعرفة.
__________________
(١) يقول ابن عربي في نصوصه «وكان موسى أعم بالأمر من هارون ، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأن الله قد قضى أن لا يعبد الا اياه ، وما حاكم الله بشيء الا وقع ، فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع في الأمر من انكاره وعدم اتساعه ، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء».