وأما قوله : ووصفته الخ ، فالمعنى انك وصفت الباري جل شأنه بصفات الحي من القدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام ، فإن كلها صفات تقتضيها الحياة ، ووصفته كذلك بصفات الفاعل المختار من الرضي والغضب ، والمحبة والكراهية ، والمجيء والاتيان والنزول الخ ، وهذان الاصلان من الحياة الفاعلية بالاختيار هما أصل التفرق بين الناس في الباري جل شأنه ، فدع ما تفرقوا فيه وبادر الى النفي والانكار في غير تهيب ولا جبن ، وان لم تجرءوا على ذلك التحلل من ربقة الدين فلا تتلاعب به تلاعب هؤلاء المعطلة ، فتنقض نفيا باثبات ليس يفترق عنه في شيء ، فإن اثبات ذات مجردة عن جميع الصفات والاسماء هو والنفي سواء ، فالناس قد افترقوا على ثلاث فرق ، معطلة عطلوا الذات عن جميع ما لها من صفات وأسماء ، ومثبتة اثبتوا للذات كل ما اثبت الله ورسوله بلا تفريق بين صفة وصفة وفرقة تناقضت فاثبتت بعضا ونفت بعضا ، ففرقت بين المتماثلين بلا دليل ، أما أنا فلست والله برابع لهم ، بل اختار لنفسي مذهب الحمير والثيران ، فأعيش كما تعيش بلا عقيدة ولا إيمان.
* * *
فاسمع بإنكار الجميع ولا تكن |
|
متناقضا رجلا له وجهان |
أو لا ففرق بين ما أثبته |
|
ونفيته بالنص والبرهان |
فالباب باب واحد في النفي |
|
والاثبات في عقل وفي ميزان |
فمتى أقر ببعض ذلك مثبت |
|
لزم الجميع أو ائت بالفرقان |
ومتى نفى شيئا وأثبت مثله |
|
فمجسم متناقض ديصان |
فذروا المراء وصرحوا بمذاهب |
|
القدماء وانسلخوا من الايمان |
أو قاتلوا مع أمة التجسيم والتش |
|
بيه تحت لواء ذي القرآن |
أو لا فلا تتلاعبوا بعقولكم |
|
وكتابكم وبسائر الأديان |
فجميعها قد صرحت بصفاته |
|
وكلامه وعلوه ببيان |
والناس بين مصدق أو جاحد |
|
أو بين ذلك أو شبيه أتان |