الأقران النزال النزال ، وهو في الملجأ والمغارات ، والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين ، ينظر لمن الدائرة ليكون إليهم من المتحيزين ، ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه اني كنت معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين ، فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة أن لا يبيعها بأبخس الأثمان ، وأن لا يعرضها غدا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان ، وأن يثبت قدميه في صفوف أهل العلم والإيمان ، وأن لا يتحيز إلى مقالة سوى ما جاء في السنة والقرآن ، فكأن قد كشف الغطاء وانجلى الغبار وأبان عن وجوه أهل السنة مسفرة ضاحكة مستبشرة ، وعن وجوه أهل البدعة عليها غبرة ترهقها قترة ، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
قال ابن عباس تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة والضلالة ، فو الله لمفارقة أهل الأهواء والبدع في هذه الدار أسهل من موافقتهم إذا قيل : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) [الصافات : ٢٢].
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وبعده الإمام أحمد : أزواجهم : أشباههم ونظراؤهم ، وقد قال تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) [التكوير : ٧] قالوا فيجعل صاحب الحق مع نظيره في درجته ، وصاحب الباطل مع نظيره في درجته ، هنالك والله يعض الظالم على يديه إذا حصلت له حقيقة ما كان في هذه الدار عليه ، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا.
فصل : وكان من قدر الله وقضائه أن جمع مجلس المذاكرة بين مثبت للصفات والعلو وبين معطل لذلك ، فاستطعم المعطل المثبت الحديث استطعام غير جائع إليه ولكن غرضه عرض بضاعته عليه ، فقال له ما تقول في القرآن ومسألة الاستواء؟ فقال المثبت : نقول فيها ما قاله ربنا تبارك وتعالى وما قاله نبينا صلىاللهعليهوسلم ، نصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تشبيه ولا تمثيل ، بل نثبت له سبحانه ما أثبته لنفسه من