لفظية لا تفيد شيئا من اليقين ، قد أعد التأويل جنة يتترس بها من مواقع سهام السنة والقرآن وجعل اثبات صفات ذي الجلال تجسيما وتشبيها يصد به القلوب عن طريق العلم والإيمان ، مزجي البضاعة من العلم النافع الموروث عن خاتم الرسل والأنبياء لكنه ملئ بالشكوك والشبه ، والجدال والمراء ، خلع عليه الكلام الباطل خلعة الجهل والتجهيل ، فهو يتعثر بأذيال التفكير لأهل الحديث ، والتبديع لهم والتضليل ، قد طاف على أبواب الآراء والمذاهب يتكفف أربابها ، فانثنى بأخسر المواهب والمطالب ، عدل عن الأبواب العالية الكفيلة بنهاية المراد وغاية الاحسان ، فابتلى بالوقوف على الأبواب السافلة الملآنة بالخيبة والحرمان ، وقد لبس حلة منسوجة من الجهل والتقليد والشبهة والعناد ، فإذا بذلت له النصيحة ودعي إلى الحق أخذته العزة بالاثم ، فحسبه جهنم ولبئس المهاد.
فما أعظم المصيبة بهذا وأمثاله على الإيمان ، وما أشد الجناية به على السنة والقرآن ، وما أحب جهاده بالقلب واليد واللسان الى الرحمن ، وما أثقل أجر ذلك الجهاد في الميزان ، والجهاد بالحجة واللسان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان ولهذا أمر به تعالى في السور المكية حيث لا جهاد باليد انذارا وتعذيرا ، فقال تعالى : (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً) [الفرقان : ٥٢].
وأمر تعالى بجهاد المنافقين والغلظة عليهم مع كونهم بين أظهر المسلمين في المقام والمسير ، فقال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التحريم : ٩].
فالجهاد بالعلم والحجة جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده المخصوصين بالهداية والتوفيق والاتفاق ، ومن مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ، وكفى بالعبد عمى وخذلانا أن يرى عساكر الإيمان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لأمته ، وأعدوا له عدته ، وأخذوا مصافهم ووقفوا مواقفهم ، وقد حمي الوطيس ودارت رحى الحرب واشتد القتال وتنادت