أعرف وله أطلب وإليه أقرب ، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل وإليه أكره ومنه أبعد ، والله تعالى ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه ، فمن كان لذكر أسمائه وصفاته مبغضا ، وعنها نافرا ومنفرا ، فالله له أشد بغضا ، وعنه أعظم اعراضا ، وله أكبر مقتا ، حتى تعود القلوب إلى قلبين : قلب ذكر الأسماء والصفات قوته وحياته ونعيمه وقرة عينه ، لو فارقه ذكرها ومحبتها لحظة لاستغاث ، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، فلسان حاله يقول :
يراد من القلب نسيانكم |
|
وتأبى الطباع على الناقل |
ويقول :
وإذا تقاضيت الفؤاد تناسيا |
|
ألفيت أحشائي بذاك شحاحا |
ويقول :
إذا مرضنا تداوينا بذكركم |
|
فنترك الذكر أحيانا فننتكس |
ومن المحال أن يذكر القلب من هو محارب لصفاته نافر من سماعها معرض بكليته عنها زاعم أن السلامة في ذلك. كلا والله ان هو إلا الجهالة والخذلان ، والاعراض عن العزيز الرحيم ، فليس القلب الصحيح قط إلى شيء أشوق منه إلى معرفة ربه تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه ، ولا أفرح بشيء قط كفرحه بذلك وكفى بالعبد عمى وخذلانا أن يضرب على قلبه سرادق الإعراض عنها والنفرة والتنفير والاشتغال بما لو كان حقا لم ينفع إلا بعد معرفة الله والإيمان به وبصفاته وأسمائه.
والقلب الثاني قلب مضروب بسياط الجهالة ، فهو عن معرفة ربه ومحبته مصدود ، وطريق معرفة أسمائه وصفاته كما أنزلت عليه مسدود ، قد قمش شبها من الكلام الباطل وارتوى من ماء آجن غير طائل تعج منه آيات الصفات وأحاديثها إلى الله عجيجا ، وتضج منه إلى منزلها ضجيجا بما يسومها تحريفا وتعطيلا ويؤول معانيها تغييرا وتبديلا ، قد أعد لدفعها أنواعا من العدد وهيأ لردها ضروبا من القوانين وإذا دعي الى تحكيمها أبى واستكبر وقال : تلك أدلة