الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (١) فدلّ ذلك «على أنها» أي ـ الصلاة ونحوها «ألطاف في العقليات».
قالوا وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قيل له : إن فلانا يصلي بالنهار ويسرق بالليل فقال: «إن صلاته لتردعه».
«قلنا» ليس مجرد فعلها هو النّاهي عن الفحشاء والمنكر «بل هي سبب» في حصول النّاهي وهو زيادة العقل و «التنوير الذي أراده الله تعالى بقوله : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٢) أي تنويرا» في قلوبكم «تفرقون به بين الحق والباطل» أي زيادة في العقل من تأثير ما يبقى على ما يفنى ومراقبة العليّ الأعلى ومعرفة حقّه جلّ وعلا «فهي» أي الصلاة «كالناهي» عن الفحشاء والمنكر «لمّا كانت سببا لحصول التنوير الزّاجر عن ارتكاب القبائح ، وذلك لم يخرجها عن كونها شكرا لله تعالى».
فإن قيل : إذا كان التنوير إنما حصل بسبب الصلاة وقد ثبت أن التنوير لطف في النهي عن الفحشاء والمنكر فكذلك سببه وهو الصلاة تسمية للسّبب باسم مسبّبه.
قلنا : كلامنا في وجه وجوبها وهو لا يلزم من ذلك أنها إنّما شرعت لأجل ذلك ، فهات الدليل كما دللنا على أن وجه وجوبها كونها شكرا؟
«وقالوا :» أيضا «وردت الشرائع على كيفيات مخصوصة» كالقيام والقعود والطهارة (٣) في الصلاة والسعي والمشي والوقوف وغير ذلك في الحج والإمساك عن الطعام والشراب في الصوم وغير ذلك «ولا تقتضي ذلك» أي الكيفيات المخصوصة «نعمة السيّد على عبده» وإنما تقتضي الاعتراف بها والتعظيم لموليها.
«قلنا : بل تقتضي» نعمة السيد «الامتثال» من العبد «بفعلها» أي فعل
__________________
(١) العنكبوت (٤٥).
(٢) الأنفال (٢٩).
(٣) (ض) كالقيام والقعود والطهارة وغير ذلك.