حال وروده ولا يمنع من ذلك إلّا العلم بالتضاد أو ما يجري مجراه.
وأما من حيث اللغة : فهو أن تجرد اللفظ عن القرينة يوجب حمله على كل معانيه.
وبعد : فأما أن لا يحمل على واحد منها فذلك يخرجه عن الإفادة ، وأما أن يحمل على بعضها ولا مخصّص.
وأما أن يحمل على كلها وهو المطلوب. انتهى [كلام القرشي].
«وبدليل قوله تعالى» : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (١) «وهي» أي الصلاة «من الله سبحانه معظم الرحمة ومن الملائكة عليهمالسلام الدعاء والاستغفار» فأطلق سبحانه لفظ الصلاة وأراد بها المعنيين وهما : معظم الرحمة ، والدعاء والاستغفار من الملائكة.
قلت : الأولى أن يحمل هذا على الحذف ويكون الضمير في (يصلّون) عائد إلى الملائكة صلوات الله عليهم فقط لما تقدم من أنه لا يجوز أن يقصد جلّ وعلا مع غيره بالضمير تعظيما له تعالى كما في قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (٢) ولم يجز أن يقال يرضوهما لما مرّ في كتاب التوحيد.
لكن استعمال الاسم المشترك في جميع معانيه شائع لمثل ما ذكره القرشي. ولأن القائم إذا قال لزوجته : أنت طالق إذا رأيت لونا ، طلقت إذا رأت أيّ لون.
«و» ذلك كما في الاسم العام فإنّه قد ثبت «تناول لفظ شيء» في قوله تعالى: (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ...) الآية (٣) «كل ما يسمّى شيئا على اختلاف الماهيّات» فكما جاز في الاسم العام أن يراد به جميع الأشياء المختلفة جاز ذلك في المشترك إذ لا فرق ، ويدل على ذلك أيضا : «صحة الاستخدام» في لغة العرب ، وهو ممّا يزيد الكلام حسنا وملاحة.
__________________
(١) الأحزاب (٥٦).
(٢) التوبة (٦٢).
(٣) النساء (٥٩).