ونزول الآية للردّ على النصارى في غلوّهم في عيسى صلوات الله عليه وإنكارهم أن يكون عبدا لله حين وفد أهل نجران إلى النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم والقصة مشهورة.
«وبيان الاستدلال بها» أي بهذه الآية «أن ذلك» أي قوله تعالى (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) «ترقّ» أي صعود «من درجة إلى درجة أعلى منها ، يعرف ذلك العالم بأساليب أهل اللسان العربي» لأنه «يقال : لا يأنف فلان من تعظيم العالم ولا من هو أعظم منه» أي ولا من هو أعظم من ذلك الفلان فإنه لا يأنف من تعظيم العالم ومن هذا قول الشاعر :
وما مثله ممّن يجاود حاتم |
|
ولا البحر ذو الأمواج ينأج زاخره |
أي ما مثل الممدوح ممّن يغالبه في الجود لا حاتم ولا من هو أعظم من حاتم في الجود وهو البحر ذو الأمواج المضطربة.
وممّا يدل على أفضليتهم أيضا : قول الوصي في النهج : (منهم سجود لا يركعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافّون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون ، لا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان.
ومنهم أمناء على وحيه وألسنة إلى رسله ومختلفون بقضائه وأمره.
ومنهم الحفظة لعباده والسّدنة لأبواب جنانه.
ومنهم الثابتة في الأرض السّفلى أقدامهم والمارقة من السماء العلياء أعناقهم والخارجة من الأقطار أركانهم ، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ناكسة دونه أبصارهم (١) متلفّعون تحته بأجنحتهم مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزّة وأستار القدرة ، لا يتوهّمون ربهم بالتصوير ، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ، ولا يحدّونه بالأماكن ولا يشيرون إليه بالنّظائر).
وللمخالفين شبه قد ذكرناها في الشرح.
«ونبيئنا صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من سائر الأنبياء صلوات الله
__________________
(١) (ض) وهم متلفعون.