قلت : وإن أراد المحتسب فالقول واحد «ولا يفعل الأشدّ مع تأثير الأخفّ» كما ذكرناه آنفا من الترتيب لأنّ العدول إلى الأشدّ مع تأثير الأخفّ إضرار مجرد عن النفع والدفع فكان ظلما.
قال الفقيه حميد الشهيد رحمهالله : وأمّا حكم المعروف الذي هو فعل فقد ذكروا أنه لا يجوز القتال عليه مطلقا وفي تعليلهم ما يقتضي أن المراد به الشرعي دون العقلي ولا شبهة أنّ ردّ الودائع والمغصوبات إلى أربابها ممّا يجوز أخذه كرها والقتال عليه لمن امتنع من تسليمه.
قال : واعلم : أن المنكر إذا أمكن أن يحال بينه وبين فاعله من دون قتل ولا قتال فإنّ ذلك هو الواجب.
قال : وهل يجوز القتل عليه أو لا؟ فيه خلاف.
فقد ذكر الشيخ أبو علي : أنه من كان مفسدا شرّيرا فإنه يجوز قتله لغير الإمام ، وإليه ذهب الجصاص ، وهو الذي اختاره الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليهالسلام فإنه قال: والذين يؤذون المسلمين ويضرونهم يجوز قتلهم في وقت الإمام وغير وقته.
وذهب السيد المؤيّد بالله عليهالسلام إلى أنه لا يجوز قتل من هذا حاله بل يجب على المسلمين حبسه.
وقال «بعض سادتنا عليهم» «السلام» وهو السيد الكبير العلّامة أمير الدين بن عبد الله بن نهشل بن المطهر بن أحمد بن عبد الله بن عز الدين بن محمد بن إبراهيم بن الإمام المطهر بن يحيى المظلل بالغمام عليهالسلام.
وتوفي هذا السيد عقيب وفاة الإمام عليهالسلام في هجرة حوث رحمهالله تعالى في ليلة الثلاثاء تاسع شهر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين بعد الألف فقال : «فإن كان التفكّر في القدر الكافي» في الانزجار عن فعل القبيح من القول وغيره «مخلّا بالمدافعة» أي مانعا لدفع فعل المحظور «بحيث» يقدّر أنه «يفعل المحظور في مدة التفكّر» لو بقي النّاهي متفكرا «في ذلك القدر الكافي (وجب دفعه بغير رويّة» أي بغير تفكّر في القدر الكافي «ولو» كان دفعه «بالأضرّ وهو قوي لعدم حصول الانزجار