و «هي لغة :» أي في لغة العرب : «مأخوذة من الهجر» الذي هو «نقيض الوصل» وهو ظاهر.
«و» هي «شرعا» أي في عرف أهل الشرع : «الرحلة» أي الانتقال «من دار تظاهر أهلها بالعصيان» أي تعاونوا ، والمظاهرة المعاونة مأخوذة من جعل الرجل ظهره إلى ظهر رجل غيره إذا أرادا الاجتماع والمعاونة على فعل.
والمراد هنا : أنهم تعاونوا ولم ينه بعضهم بعضا فكأنهم قد تعاونوا بالعصيان «أو» الرحلة من دار لم يتعاون أهلها على العصيان بل قد نهى بعضهم بعضا ولكنه لم يفد النّهي شيئا بل «ظهر» العصيان «بغير جوار» من المسلمين بل بسلطان وقوة من الظالمين فحينئذ تكون الدار دار كفر إن كان العصيان يوجب الكفر ، أو دار فسق إن كان العصيان يوجب الفسق فتجب الهجرة «إلى مكان خلي عنهما» أي عن صفة الدارين المتقدم ذكرهما.
واعلم : أن الدور ثلاث : ولها أحكام وهي : أن من رأيناه في دار الإسلام وكان مجهول الحال وجب اعتقاد كونه من المسلمين في الظاهر لا في نفس الأمر وحينئذ تجرى عليه أحكامهم ويعامل معاملتهم ومن رأيناه في دار الكفر وهو مجهول الحال وجب اعتقاد كفره في الظاهر لا في نفس الأمر وتجري عليه أحكام الكفار.
قالوا : ومن ثمّ كان معرفتها من فروض الأعيان على كل من يتعلق به شيء من هذه الأحكام إذ لا تقليد في عمليّ يترتب على علميّ فدار الإسلام ودار الكفر ثابتتان إجماعا وإن اختلف في تفسيرهما.
فعند أئمة العترة عليهمالسلام وبعض المعتزلة وغيرهم : أن دار الإسلام هي : ما ظهر فيها الشهادتان والصلاة ولم يظهر فيها خصلة كفرية ولو تأويلا إلّا بجوار وذمّة من المسلمين كإظهار اليهود والنصارى دينهم في أمصار المسلمين ، فلو ظهر فيها الشهادتان والصلاة وظهر فيها خصلة كفرية كالجبر ونحوه من غير جوار فهي دار كفر.
وكلام المؤيّد بالله عليهالسلام مؤوّل بمثل هذا.