أما السمع : فإن القرآن مملوء من ذكر الثواب والعقاب وأنهما جزاء على العمل.
وأما العقل : فلما نذكره إن شاء الله تعالى.
ثم اختلف هؤلاء هل يمكن الاستدلال بالسمع وحده على استحقاق العقاب أو لا يمكن وإنّما هو مؤكّد لدليل العقل؟
فقال القاضي عبد الجبار : استحقاق العقاب لا يعلم إلّا عقلا والشرع (١) مؤكّد.
وقال الشيخ أبو رشيد : بل تجوز دلالة الشرع عليه دلالة مستقلة عن العقل.
وقالت «المجبرة : بل» لا يعلمان إلّا «سمعا فقط» ولا حكم للعقل في ذلك كما تقدم ذكره من أساس مذهبهم في أول الكتاب ، وإلى مثل قولهم أن العقل لا يدرك استحقاق الثواب والعقاب ذهب أبو القاسم المرتضى الموسوي من العدليّة وابن الراوندي.
«لنا : تصويب العقلاء من طلب المكافأة على الإحسان و» تصويب «من عاقب المسيء على الإساءة».
فلو لا أنّ العقل يحكم بهذا الاستحقاق لما صوّبوه.
ولعله عليهالسلام أراد الردّ على من أنكر حكم العقل من المجبرة لا أنه أراد الاحتجاج على وجوب الثواب والعقاب على الله سبحانه وتعالى لأنه لا واجب على الله سبحانه وتعالى كما مرّ.
ولأن الطاعات شكر لله تعالى في مقابلة النعمة وحينئذ لا يحكم العقل باستحقاق طلب المكافأة من الله سبحانه بالثواب عليها.
ولا يجوز أن يقال : العقاب حقّ له تعالى استوفاه لأنه جلّ وعلا أغنى الأغنياء عن احتياجه إلى الحقوق وإنّما هو حقّ راجع إلى المكلفين لأنه مصلحة لهم وزجر عن ارتكاب القبيح وكفران المنعم ولو لم يكن العقاب
__________________
(١) (ض) والسمع.