أيضا» كما سبق ذكره في نظائرها «فيجب حملها على قوله تعالى» : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) (الآية) (١).
(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فقيّد الرحمة بما ترى من هذه القيود التي هي شروط الإيمان ، وعلى قوله تعالى : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا) يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ الآية (٢).
فبين تعالى أنه كتب رحمته لمن عمل هذه الأعمال الصالحة.
«و» كذلك «نحوهما من صرائح القرآن» الدالة على أن الله تعالى يقبل التوبة من عباده ويدخلهم في رحمته مع الإنابة والعمل الصالح.
«قالوا : يحسن في العقل العفو عن المسيء» وإذا كان حسنا فلا مانع منه في حق الله تعالى.
«قلنا : لا» يحسن العفو «حيث علم عدم إقلاعه» أي إقلاع العاصي لا عقلا ولا سمعا.
«ألا ترى لو أنّ سلطانا عرف من عبده» فعل «الفاحشة مع حريمه» التي لا يرضى أن يحوم أحد حولها «وهو يعلم» أي السلطان المالك للعبد «أنه لا يرتدع» ذلك العبد «إن عفا عنه بل يعود إلى الفاحشة : أنّ العفو عنه لا يحسن في العقل قطعا» إذ يكون إغراء بفعل القبيح.
«وهم» أي مرتكبو الكبائر من أهل الصلاة وغيرهم «لم يقلعوا عن الإصرار» على فعل المعصية «لأنّ توبتهم» حين رؤية العذاب أو بعد وقوعهم فيه «لم تكن لوجه القبح بل لما وقعوا فيه من العقاب» الأليم وذلك «لقوله
__________________
(١) التوبة (٧١).
(٢) الأعراف (١٥٦ ـ ١٥٧).