وقوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (١).
«فلو كانت» أي الشفاعة «لهم» أي لأهل الكبائر «لكانوا غير مخلدين فيها ، وذلك خلاف لصرائح آيات الوعيد» القاضية (٢) «بالتخليد ، ولكان الشفيع لهم» أي لأهل الكبائر «عاصما ووليّا ونصيرا ، وذلك خلاف وردّ لصرائح هذه الآيات» الكريمة ومن ردّ آية كفر.
«قالوا : ورد الاستثناء في قوله» تعالى.
(«فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٣).
فقالوا : إلّا ما شاء ربك من إخراج أهل الكبائر بالشفاعة من النار.
وقالوا في قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أي من تخليد البعض كالكفار وإخراج البعض كالفسّاق.
وقالوا في آيات السعادة : إن بعض السعداء لا يخلّدون في الجنة بل يفارقونها ابتداء أي أيّام عذابهم كالفساق من المؤمنين الذين سعدوا بالإيمان والتّأبيد من مبدإ معيّن كما ينتقض باعتبار الانتهاء فكذلك باعتبار الابتداء. هكذا ذكره التفتازاني.
[وهو باطل لأنه متضمن لكون أهل النار وأهل الجنة فريقا واحدا وإن الذين شقوا هم الذين سعدوا.
والآية مصرّحة بخلاف ذلك].
«قلنا» إن «المعنى» في تفسير الآية «هم» أي الأشقياء «خالدون في النار مدة القيامة» أي مدة الحياة الآخرة «إلّا مدة وقوفهم في المحشر» فإنهم غير داخلين في النار حينئذ «للقطع بالوقوف فيه» أي لعلمنا أن أهل النار لا
__________________
(١) الزمر (١٩).
(٢) (ن) القاضية المصرّحة.
(٣) هود (١٠٧).