قال الهادي عليهالسلام : فأما الميزان وما ذكر الله من حكمه في القرآن فليس بحالة زائدة في يوم القيامة على إقامة الحساب والعدل بين العباد.
وقال الإمام «المهدي» أحمد بن يحيى «عليهالسلام وغيره» من المتأخرين وهو قول جمهور المعتزلة : «بل» هو «على حقيقته» وله عمود ولسان وكفّتان.
«قلنا : وزن الأعمال مستحيل إذ هي أعراض» حركة أو سكون وهي لا تقوم بنفسها فوزنها على انفرادها يوجب قلب ذواتها «ووزن غيرها» أي غير الأعمال «إمّا جور ولا طائل تحته» حيث وزنت الصحائف المكتوب فيها الأعمال أو ابن آدم نفسه فلعل صحيفة العاصي تكون أثقل لكثرة المعاصي المكتوبة فيها أو مساوية إن كان ثمّ صحيفة وكذلك بعض أهل النار أثقل من بعض أهل الجنة وإن فرضنا أن الصحائف أو ابن آدم يثقل بكثرة الطاعات ويخف بكثرة المعاصي أو أنه يجعل فيها نور وظلمة كما زعموا فلا فائدة حينئذ في الوزن «وأيّا ما كان» من الجور أو عدم الطائل «فلا يجوز على الله تعالى» فعله لأنه قبيح والله لا يفعل القبيح.
«ولنا» حجة على قولنا «قوله تعالى» : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) (١) فأخبر تعالى أن الوزن يوم القيامة هو الحق أي إقامة العدل والإنصاف لا غير «وهذا نص صريح أنه الحق».
«ولنا أيضا : قوله تعالى» : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (٢) «وهذا نصّ صريح أيضا أن الموازين هي القسط ، والقسط هو العدل وكالميزان الذي أنزله الله في الدنيا حيث قال (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ) (٣) فإنه مجاز والمراد به الحق والعدل اتفاقا.
«قالوا : روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في صفة الميزان» : إنه موكل به ملك وأنه «دون العمود كما بين المشرق والمغرب»
__________________
(١) الأعراف (٨).
(٢) الأنبياء (٤٧).
(٣) الحديد (٢٥).