لزم أن يكون سكوتهم منكرا ، بخلاف المسائل الاجتهادية.
قال ابن الحاجب : دليل السمع على العمل بالقياس قطعي ، خلافا لأبي الحسين ، ويؤكد ذلك دلالة العقل وهو أن يقال : إذا كلف الله بفعل فلا بدّ أن ينصب لنا طريقا إلى صفة ذلك التكليف من كونه واجبا أو مندوبا أو قبيحا أو مكروها.
فإن وجد (١) في الكتاب والسّنّة تلك الطريق فذلك ، وإن لم نجدها فيهما فإن جاز أن يعرف بالقياس صفة الفعل كما يجوز أن يعرف بالنص جاز أن يكون القياس طريقا إلى صفة ذلك الفعل.
كما أنا نعلم أنه لا فرق بين أن ينص الله تعالى على تحريم الخمر والنبيذ المسكر ، وبين أن ينص على تحريم الخمر ، وينص على أن علة تحريمه الإسكار فيلزم القياس عليه.
وقال علي صلوات الله عليه : (أوّل القضاء ما (٢) في كتاب الله) ، ثم ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم ما أجمع عليه الصالحون فإن لم يوجد ذلك في كتاب الله تعالى ولا في السّنّة ولا فيما أجمع عليه الصالحون اجتهد الإمام في ذلك لا يأل احتياطا واعتبر وقاس الأمور بعضها ببعض فإذا تبيّن له الحق أمضاه ، وللقاضي ما لإمامهم.
قال «أئمتنا عليهم» «السلام ومن وافقهم : فإن فقد الدليل من الثلاثة» أي الكتاب والسّنّة والقياس «رجع في الحادثة» التي فقد الدليل عليها «إلى قضية العقل» أي إلى ما قضى به العقل «من تقبيح الفعل» أي الحكم بقبحه «أو تحسينه» أي الحكم بحسنه ، وإنما كان كذلك «لعلمنا أن الله تعالى لم ينقل حكم العقل في تلك الحادثة» إذ لو جوزنا نقل حكم العقل في تلك الحادثة ولم ينصب لنا دليلا على ذلك لكان تكليفا لما لا يطاق وذلك لا يجوز عليه تعالى.
ولهذا قال عليهالسلام : «وإلّا لورد» أي ولو لم يكن حكم العقل باقيا
__________________
(١) (أ) وجدنا.
(٢) (ض) بما.