الفطنة وحسن الخلق والخلق والسّخاء والشّجاعة.
فلا بدّ أن يكون النبيء أفضلهم في هذه الخلال «و» أزكاهم «طهارة من» دنس «ارتكاب القبائح» ونحوها فلا يتعمد معصية لله عزوجل ، ولا يدخل في حرفة دنيّة مسترذلة.
«وأعلاهم» أي أعلى البشر «منصبا» أي أرفعهم بيتا وأطيبهم سنخا «بشريعة» متعلّق بقوله : وحي الله أي وحي الله بشريعة.
والشّريعة ما فرضه الشارع وهو الله سبحانه وبيّنه من الأحكام وأدلّتها على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
والوحي في اللغة : الإشارة والكتابة والرّسالة والإلهام والكلام الخفي.
وكل ما ألقيته إلى غيرك يقال : وحيت إليه الكلام ، وأوحيت وهو أن تكلّمه بكلام تخفيه ، وأوحى الله إلى أنبيائه أي أشار إليهم. ذكر هذا في الصحاح.
واعلم : أن النبوءة فضيلة وأمانة يعطيها الله سبحانه من اختاره من عباده ممّن علم تعالى منه الوفاء بها والثّبوت عليها من غير جبر لقوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (١).
وقوله عزوجل : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (٢).
واختصاصه تعالى بها بعض عباده كاختصاص بعضهم بكونه ذكرا وبعضهم بكونه ملكا ونحو ذلك.
وقد زعم بعض أهل (٣) الزيغ أنها مكتسبة بالطاعة فمن أراد أن يكون نبيّا اجتهد في الطاعة حتى يصير نبيّا. وهذا قول باطل لا التفات إليه.
قال العنسي : ويشترط في النبيء : أن يكون من جنس من أرسل إليهم ما خلا الجن فإنه يجوز أن يرسل إليهم غير جنسهم لقوله تعالى :
__________________
(١) الأنعام (١٢٤).
(٢) الحج (٧٥).
(٣) هو قول المطرفيّة تمت.