«وأيضا : الواو في قوله تعالى «والراسخون في العلم» «ظاهرة في العطف» أي في كونها واو العطف كما هو أصل وضعها ولا وجه يقتضي العدول عن الظاهر.
«وإن سلّم عدم ظهوره» أي الواو «كذلك» أي في العطف «فمتشابه» أي فالواو من المتشابه «لاحتماله» أن يكون واو «الحال و» أن يكون واو «الاستئناف» أي يكون ما بعده مستأنفا أي غير معطوف على ما قبله «مع» احتمال أن يكون واو «العطف» فهذه ثلاثة معان تحتملها الواو فيكون من المتشابه.
«فيلزمهم أن لا يحتجّوا بها لكونهم لا يعلمون تأويلها» لزعمهم أن المتشابه لا يعلم تأويله إلّا الله.
«قالوا» أي مخالفونا في هذه المسألة : «ورد» عن النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم «الوقف على الجلالة» في قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) (١) وذلك يدل على انقطاع ما قبل الواو عمّا بعدها ، فدلّ ذلك على أن الواو للاستئناف.
«قلنا : الوقف لا يمنع العطف بدليل صحة الوقف على أوساط الآي إجماعا» بين العلماء.
«وإنما يمنع» العطف «دليل الإضراب عن الكلام السابق» أي عن الحكم الثابت للكلام السابق «واستئناف ما بعده» أي كون ما بعده منقطعا معنى عمّا تقدم نحو أن يكون بين الكلامين كمال الانقطاع أو لا جامع بينهما أو يفسد المعنى مع تقرير العطف أو نحو ذلك على ما هو مقرر في موضعه من علم المعاني ، «وهو» أي دليل الإضراب «معدوم هنا» فبقيت الواو على معناها الأصلي وهو العطف.
قلت : إن صحّ أن الوقف مأثور عن النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم فيحتمل أن يكون للفرق بين علم الله سبحانه وعلم عباده ، أو لأجل أن تكون هذه الآية من المتشابه الذي يمتحن الله به المكلفين والله أعلم.
__________________
(١) آل عمران (٧).