واحتجّ القاطعون بالبقاء بوجهين : أحدهما : أنّ الظالم قد يقتل في الحال الواحد عدّة لم تجر العادة بموتهم في تلك الحال ، ويلزم من ذلك أنّه لو لم يقتلهم لبقوا أو بعضهم. الثاني : لو كان المقتول لو لم يقتل لمات ، لكان من ذبح غنم غيره محسنا إليه بذبحها ، فلا يستحقّ الذمّ.
وجواب الأوّل تسليم مثل هذه الصورة ، ولا يلزم في غيرها ، إذ الحكم الجزئي لا يكون له دلالة على الحكم الكلّي. وجواب الثاني : أنّ الذمّ يتوجّه من وجوه : أحدها : إقدامه على التصرّف في مال الغير. الثاني : أنّ إفساد المال كان بسبب المباشر للذبح. الثالث : أنّه منع المالك الأعواض الموفّية ، فإنّه لو ماتت بسبب الله تعالى لكانت أعواضه عليه تعالى راجحة على الأعواض المستحقّة على المباشر.
وأمّا الرزق : فهو ما صحّ أن ينتفع به (١٣٤) ولم يكن لأحد منعه منه (١٣٥) ، فعلى هذا ، الحرام لا يكون رزقا ، ولو كان إنسان قطع وقته بتناول الحرام ، لما كان ذلك رزقا له ، بل قد عدل عن اكتساب الحلال المقسوم له إلى
__________________
ـ صحيح ، لكونه سبحانه قادرا لنفسه ، فالامتناع منه كفر ، وإن اريد العلم بوقوعه وحصوله فمحال ، لأنّه سبحانه عالم لنفسه ، فلو كان يعلم أنّ هذا الميّت أو المقتول يعيش أكثر من ما مضى ، لعاش إليه ، ولم يمت ولم يقتل في هذه الحال ، وفي اختصاص موته أو قتله بها دليل على أنّها المعلوم الذي لا يتقدّر غيره. وكونه معلوما لا يوجب وقوعه ، ولا يحيل تعلّق القدرة بخلافه ، لأنّ العلم يتعلّق بالشيء على ما هو به ، ولا يجعله كذلك ، لأنّا نعلم جمادا وحيوانا ومؤمنا وكافرا ، فلا يجوز انقلاب ما علمناه ، وإن كنّا لم نوجب شيئا منه.
(١٣٤) احتراز عن مثل الخمر والخنزير. كذا في هامش الأصل.
(١٣٥) على وجه الشرع. كذا في هامش الأصل.