أنّ الإجماع المشار إليه حجّة فإنّ الأدلّة التي استدل بها خصومكم على الإجماع ضعيفة ، ودليلكم مبنيّ على وجوب الإمامة في كلّ زمان ، وعلى عصمة ذلك الإمام ، لكن ذلك لا يدلّ على كونه في جملة من نقل قوله ، ولا ممّن عرفت فتواه ، فمن أين أنّه داخل في الجملة بحيث يلزم من مخالفتهم الخروج عن قول الإمام ، لا بدّ لهذا من دليل.
والجواب : قوله : لا نسلّم وجوب عصمة الإمام. قلنا : قد بيّنا ذلك.
قوله : ذلك خطابة فلا يفيد إلّا الظنّ. قلنا : قد بيّنا أنّ الإمامة لطف ، وأنّ فعل اللطف واجب في الحكمة بما أغنى عن إعادته. وأنّ اللطف المراد لا يتمّ إلّا مع العصمة.
قوله : الحواسّ لما عرض لها الغلط جعل القلب مسدّدا لها بما فيه من العلوم ، ولم يلزم أن يكون معصوما ، بل كفى في ذلك كونه أتمّ تحفّظا منها ، فلم لا يجوز مثله في الإمام. قلنا : الإمامة لم ترد للحفظ من الغلط ، وإنّما جعلت لطفا ، وقد بيّنا أنّ منع اللطف يجري مجرى منع التمكين ، ولا يتمّ ذلك اللطف مع جواز الخطأ ، فتعيّن أن يكون معصوما ، تحصيلا للغرض المطلوب من اللطف.
قوله : سلّمنا أنّ الإمام يجب أن يكون معصوما ، لكن لا نسلّم أنّ الامّة اجتمعت (٤٩) على القولين. قلنا : قد بيّنا أنّ ذلك معلوم بعد ممازجة المسلمين ، ونقل أخبارهم ، والوقوف على ما يؤثر من فعل الصحابة بعد النبيّ ـ عليهالسلام ـ ، فإنّ الاطّلاع على ذلك مثمر للقطع بانحصار الأقوال كلّها في ذلك.
قوله : ما المانع أن يكون ذهب واحد من المسلمين إلى القول بوجوب
__________________
(٤٩) أجمعت خ.