علّة مشتركة بينهما ، ولا مشترك إلّا الوجود أو الحدوث ، لكنّ الحدوث يزيد على الوجود بقيد عدميّ ، والعدم لا يصلح للعلّية ، فتعيّن الوجود. وإذا كان الوجود علّة لصحّة الرؤية ، والبارئ موجود ، فيجب أن يصحّ رؤيته عملا بالعلّية.
وأمّا المنقول : فقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٦٢).
وقوله ـ عليهالسلام ـ : ترون ربّكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة تمامه لا تضامون في رؤيته. (٦٣)
والجواب عن ما ذكروه أوّلا : أن نقول : لا نسلّم أنّه يجب تعليل صحّة الرؤية لعلّة مشتركة ، بل لم لا يجوز أن يكون صحّة الرؤية في كلّ واحد منهما لعلّة مختصة به ، لأنّ صحّة الرؤية حكم ، والحقائق المختلفة يجوز اشتراكها في بعض الأحكام المتّفقة. سلّمنا أنّه لا بدّ من علّة مشتركة ، لكن لا نسلّم الحصر ، سلّمنا الحصر وأنّ العلّة هي الوجود ، ولكن لم لا يجوز أن يكون تأثيرها مشروطا بشرط ، وهو كون المرئيّ مقابلا لحاسّة (٦٤) الرائي أو في حكم
__________________
(٦٢) سورة القيامة ، الآية : ٢٢ ـ ٢٣.
(٦٣) روى البخاري في صحيحه ٦ / ١٧٣ عن جرير بن عبد الله ، قال : كنّا جلوسا ليلة مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة ، فقال : إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثمّ قرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).
وفي عمدة القارئ ٥ / ٤٢ نقلت هذه الرواية وغيرها فراجع.
ولا تضامون روي بضمّ التاء وبتخفيف الميم من الضيم وهو التعب.
(٦٤) هنا كلمة لا تقرأ فاحتملنا أن تكون «لحاسّة» فأثبتناها هكذا.