المقابل ، والحكم كما يتوقّف على علّته ، يتوقّف على شرط التأثير. سلّمنا ذلك ، لكن لا نسلّم أنّ البارئ قابل لصحّة الرؤية ، والحكم كما يتوقّف على علّته يتوقّف على قبول المحلّ له.
ثمّ ولو صحّ ذلك ، للزم أن يكون البارئ حالا في المحلّ ، لأنّ السواد والبياض يشتركان في الحلول ، فلو علّل بأمر مشترك هو الوجود ، للزم أن يكون البارئ حالا بعين ما ذكرتموه.
والجواب عن الآية أن نقول : لا نسلّم أنّ النظر يفيد الرؤية ، إذ حقيقته في الوضع اللغويّ تقليب الحدقة الصحيحة نحو المرئيّ طلبا لرؤيته (٦٥) ، ولذلك يقال : نظرت إلى الهلال فلم أره ، ولو كان مفيدا للرؤية لما صحّ سلب الرؤية معه ، وإذا لم تكن الحقيقة مرادة وجب صرفه إلى المجاز ، وهو التوقّع والرجاء لمنافع الغير ، كما يقال : أنا ناظر إليك ، أي راج لك (٦٦) خصوصا وقد نسب النظر إلى الوجه لا إلى العين.
وأمّا الخبر فمن أضعف أخبار الآحاد ، فلا يصار إليه في مسائل الاعتقاد ، وقد طعن فيه أصحاب الحديث بوجوه كثيرة من الطعن ، مذكورة في مظانّها (٦٧).
__________________
(٦٥) في الصحاح : النظر : تأمّل الشيء بالعين. وقال الراغب في المفردات : النظر : تقليب البصر والبصيرة لادراك الشيء ورؤيته ... وفي أقرب الموارد : نظره وإليه نظرا : أبصره وتأمّله بعينه ، ومدّ طرفه إليه رآه أو لم يره.
(٦٦) قال الزمخشري في أساس البلاغة : وسيّد منظور : يرجى فضله ، وأنا أنظر إلى الله ثمّ إليك ، معناه أتوقّع فضل الله ثمّ فضلك. وسمعت صبية سروية بمكّة تقول : عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم.
(٦٧) راجع تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ص ١٣٣ ففيه بيان كون الخبر مطعونا ـ