بارد ، فإنّا نقول لهم : مع هذه الإرادة القديمة إن كانت أفعاله واجبة لزم الجبر ، وإن كانت أولى أو جائزة لزمت المحذورات ، فتحقق أنّ هؤلاء أرادوا أن يثبتوا الجبر فهدموا الإسلام ، وبمثل هذا يعرف صدق قوله ـ عليهالسلام ـ : حبّك للشيء يعمي ويصمّ. (٧٧).
والجواب عن الوجه الثاني : نقول : لا نسلّم أنّ القادر على الفعل يجب أن يكون عالما بكمّية أعداده وتفاصيل أحكامه ، بل لم لا يجوز أن يكفي العلم بذاته ليصحّ القصد إليها وإن لم يعلم كميّة ما يقع من ذلك الجنس ، إذ الكمّية عرض تابع للحقيقة ، والحقيقة هي فعل الفاعل في نفس الأمر.
والجواب عن الوجه الثالث : لم لا يجوز أن يقع الفعل بقدرة الله تعالى إن أراد ، وإن لم يرد فبقدرة العبد؟
قوله : «يلزم الخروج عن التعلّق» قلنا : هذا مسلّم ، لكن ما الدليل على استحالته ، فإنّ الفعل بعد وجوده ينقطع القدرة عن التعلّق. على أنّ أبا هاشم وأتباعه يمنعون من تعلّق قدرة الله بعين مقدور العبد. (٧٨)
__________________
(٧٧) رواه الرضي في المجازات النبويّة ١٦٧ ، وفي تعليقه : رواه أبو داود رقم ٥١٣٠ في الأدب ، وأحمد في المسند ٥ / ١٩٤ و ٦ / ٤٥٠ وانظر مسند الشهاب ١ / ١٥٧.
أقول : وانظر أيضا الأمثال النبويّة ١ / ٣٤٨.
(٧٨) قال العلّامة الحلّي في أنوار الملكوت ص ٨٨ : المبحث الثاني في أنّه تعالى قادر على عين أفعال العباد وهو مذهب المصنّف [يعني مصنّف الياقوت] ـ ره ـ وجماعة من أصحابنا والأشاعرة. وذهب أبو علي وأبو هاشم وأتباعهما إلى أنّه تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد وإن قدر على مثله واختاره السيّد المرتضى والشيخ أبو جعفر الطوسي ـ ره ـ.