وأمّا ثالثا ، فلأن كل حادث مسبوق بعدم أزلي ، ولو (١) كان في الأزل حادث موجود لاجتمع وجوده مع عدمه وذلك محال ، فإذن تكون (٢) في الأزل (٣) جميع الحوادث معدومة (٤).
وأمّا بيان أن كل ما لا يخلو من الحوادث حادث فظاهر ، وذلك لأن جميع الحوادث معدومة في الأزل ، فالشيء الذي لا يخلو منها ، لو كان موجودا في الأزل لكان خاليا منها (٥) وهو محال فإذا ثبت أن الأجسام حادثة فكذلك الجواهر والأعراض.
طريق آخر : (٦) لا يجوز أن يكون جسم من الأجسام أزليا ، لأنه في الأزل أما أن يكون متحركا أو ساكنا ، وكلاهما محال. أما كونه متحركا فلأنّ الأزل عبارة عن نفي المسبوقية بالغير والحركة عبارة عن ثبوت المسبوقية (٧) بالغير ، فهما لا يجتمعان. وأما كونه ساكنا (٨) فمحال ، لأن السكون ، مع أنه يقتضي أيضا المسبوقية بسكون مثله ، ليس بواجب الوجود ، فإذا (٩) كان ممكنا كان مسبوقا
__________________
(١) في م فلو.
(٢) في (د) و (م) يكون.
(٣) وفي د في الأزل يكون.
(٤) في (د) معدوما.
(٥) في (د) و (م) عنها.
(٦) هو نفس البرهان السابق بتغيير يسير.
(٧) في (د) الكون المسبوق.
(٨) في م ساكن.
(٩) في د. وإذا.