والمتكلمون ينكرون وجود جواهر غير جسمانية كما سيجيء بيانه ، ويثبتون أولا حدوث الأجسام (١) والجواهر ، ويستدلون بذلك على إثبات محدثها القديم.
ولهم في إثبات حدوث الأجسام طرق (٢) : أحدها ، قولهم كل جسم (٣) لا يخلو من (٤) الحوادث ، وكل ما لا يخلو من (٥) الحوادث فهو حادث ، فكل جسم حادث. وهذه الحجة مبنية على إثبات أربع دعاوي (٦) ، إحداها إثبات وجود الحوادث ، والثانية بيان أن كل جسم لا يخلو (٧) منها ، والثالثة بيان حدوثها جميعا ، والرابعة بيان أنّ كل ما لا يخلو من الحوادث حادث.
أما الأولى (٨) فظاهرة ، فإنّ الأكوان أعني الحركات والسكونات والاجتماعات والافتراقات أمور ثبوتية ، [و] هي [غير] الأجسام ، وذلك لأن الحركة هي كون الجسم في حيّز بعد كونه في حيّز آخر ، والسكون هو كونه في حيّز بعد كونه في ذلك الحيّز ،
__________________
(١) خ. ل. العالم.
(٢) محصّل ص ١٧١ ، لمع الأدلة ص ٨٧ ، الاقتصاد ص ١٩ ـ ٢٠. من أهم موارد الاختلاف بين الفلاسفة والمتكلمين النزاع في حدوث نوع الحركة لا في أشخاصها فإنه متفق عليه وقد وافق الفلاسفة بعض المتكلمين كالنظام وأبو الهذيل ومعمر وبشر بن المعتمر وهشام بن الحكم فقالوا بالكمون بمعنى أنها قديمة ولكن تظهر عند الحركة. مقالات ج ٢ ص ٢٣ ـ ٢٤ ، لمع الأدلة ص ٨٨.
(٣) في م الجسم.
(٤) في م : عن.
(٥) في م : عن.
(٦) في د : دعا و.
(٧) في م ود لا يخلو عنها.
(٨) في د : أما الأول فظاهر.