يكتب ولا يجوز ان يذكر. وزعم الفوطي ان الوكيل في الرتبة دون الموكل. وهذا / من جهله باللغة ، لان الوكيل في اللغة بمعنى الكافي ، ومنه يسمى وكيل الرجل وكيلا لانه يكفيه ما وكله فيه ، وهذا معنى قولنا : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). ومعنى حسبنا : كاف ، لان ما بعد «نعم» ينبغي ان يكون موافقا لمن قبله ، كقولنا : الله رازقنا ونعم الغافر ، وقد يكون الوكيل بمعنى الحفيظ ، ومنها قول الله تعالى : (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (١) ، اي بحفيظ. ويقال في نقيضه : رجل وكل ، اي بليد غير حفيظ ، والوكالة البلادة. واذا كان الوكيل بمعنى الكافي والحفيظ ، وكان الله تعالى كافيا وحفيظا ، كان المانع من تسمية الله تعالى وكيلا جاهلا بمعاني الأسماء في اللغة. ـ ثم ان الفوطي طرد بدعته هذه ، فمنع من اطلاق كثير مما نطق به القرآن ، فمنع ان يقال ان الله تعالى اضل الفاسقين ، مع قول الله تعالى : (وَما / يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (٢). ـ ومنع ان يقال في القرآن انه عمي على الكافرين ، وقد اخبر الله تعالى بذلك ، كما اخبر بان القرآن هدى للمتقين. ومنع ان يقال : انه الف بين قلوب المؤمنين ، مع قول الله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (٣). ـ وكان اصحابنا يتعجبون من اطلاق البصرية المعتزلة في اوصاف الله تعالى على ما يقتضيه القياس عندهم من غير اصل له في الكتاب والسنة ، وزال هذا التعجب بامتناع الفوطي وخلفه المعروف بعباد بن سليمان من اطلاق ما نطق به القرآن والسنة.
ـ ومن فضائح الفوطي قوله بان الاعراض لا تدل على الله تعالى ولا على رسله ولا شيء من احكامه ؛ وان فلق البحر ، وقلب العصا حية ، واحياء الموتى (٤) ، وانشقاق القمر لا يدل شيء منه / على صدق من ظهر عليه. ـ هذا قول الفوطي وصاحبه عباد بن سليمان العمري ، وزعما ان الدليل على الله وعلى رسله
__________________
(١) سورة الانعام : مكية ٦٦
(٢) سورة البقرة : مدنية ٢٦
(٣) سورة الانفال : مدنية ٦٣
(٤) «أحياء الموتى» غير وارد في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٤٨ ، الكوثري ص ٩٨ ، عبد الحميد ص ١٩٢).