من القول بان الله تعالى خلق الكافر لانه اسم للعبد وكفره ، وليس الكفر من خلقه عنده. وزعم عباد أيضا ان الذين مسخهم الله عزوجل ، قردة وخنازير كانوا بعد المسخ ناسا معتقدين للكفر. وزعم أيضا ان الانسان اذا مات وصار ترابا فالمعنى الذي لاجله كان انسانا موجود فيه حال كونه ترابا. ـ واكفر هو وهشام من قال في اسماء الله تعالى انه الضار النافع ، فها هنا التنويه في دعواهم ان الضار هو غير النافع. وبحق قال النبي صلىاللهعليهوسلم ان القدرية مجوس هذه الامة. وكان هذان القدريان / مع كفرهما يريان قتل مخالفيهما في السر واخذ اموالهم وان كانوا من ملة الاسلام ؛ وضاهيا بذلك المنصورية (١) (الخبث) ومن غلاة الروافض. وقولنا فيهم مثل ما رواه نبينا ؛ والسلام.
__________________
الهشامية في ذكر الفضيحة الثانية لهم (انظر الفرق ط. بدر ص ١٤٧ ، الكوثري ص ٩٧ ، عبد الحميد ص ١٦١) اذ جاء : «ومنع عبّاد ان يقال : ان الله تعالى ثالث كل اثنين ، ورابع كل ثلاثة ، وهذا عناد منه لقول الله عزوجل (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (سورة المجادلة آية ٧) ـ وكان يمنع ان يقال : ان الله عزوجل املى للكافرين. وفي هذا عناد منه لقوله عزوجل (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ، وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) سورة آل عمران الآية ١٧٨. فان كان عباد قد اخذ هذه الضلالة عن استاذه هشام فالعصا من العصيّة ، ولن تلد الحية الا الحية. وان انفرد بها دونه فقد قاس التلميذ ما منع من اطلاقه على ما منع استاذه من اطلاق اسم الوكيل والكفيل على الله تعالى (ط. بدر ص ١٤٧ ـ ١٤٨ ؛ الكوثري ص ٩٨ ، عبد الحميد ص ١٦١ ـ ١٦٢).
(١) لقد خصص البغدادي للمنصورية في كتاب «الفرق» الفصل الخامس من الباب الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه. اما في المخطوطة هنا فانه يقارن بين موقف الفوطي واتباعه وموقف المنصورية في كلامه عن الهشامية ، فلم يخصص للغلاة بابا خاصا بل ذكرهم مع اصحاب الفرق المحض. انظر أيضا الشهرستاني «الملل والنحل» على هامش «الفصل» لابن حزم ٢ : ١٥ ما يتعلق بالمنصورية.