واسم يهول بلا جسم. ولو عرفوا ضلالاته لاستغفروا من ظنهم اياه انسانا فضلا ان يظنوا به احسانا.
ومن بدع الجاحظ فان المعارف طباع ، وهي مع ذلك فعل للعباد ، وليست باختيار لهم. هذا ما حكاه الكعبي عنه ، ونسبه ان يكون غلطا منه / عليه ، لان المعرفة لو كانت عنده فعلا للعباد ما كانت مروة (١) عنده.
وقد حكى الكعبي عنه في «مقالاته» ان الانسان لا فعل له الا الإرادة. وفي هذا دليل على كذبه عليه ، لان المعرفة فعل العباد. واذا كان من قوله للجاحظ وثمامة ان الانسان لا فعل له الا الإرادة لزمهما ان لا يكون الصلوات والحج والعمرة والجهاد من افعال العباد ، وان لا يكون الزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، والسرقة ، والقذف من اكتساب العباد ، لان هذه الأفعال غير الإرادة. وفي هذا ابطال الثواب والعقاب على الاكتساب.
ومن بدع الجاحظ أيضا قوله باستحالة العدم على الجواهر والاجسام. وفي هذا ابطال حدوثها ، لان الذي يستحيل عدمه هو القديم.
ومن بدعه أيضا قوله بان الله عزوجل ، لا يدخل احدا النار ، وانما النار تجذب اهلها الى نفسها بطبعها ، ثم تمسكهم / في نفسها على الخلود. فان قال بمثل هذا في الجنة ، وانها تجذب اهلها الى نفسها بطبعها ، فقد قطع الرغبة عن الله تعالى والرهبة منه. وكفاه بذلك خزيا.
ومن فضائحه مجونه في كتبه التي اغوى بها الفسقة ، مثل كتابه في «حيل اللصوص» ، وكتابه في «غش الصناعات» وكتابه «في الفخار والمؤاجرين» (٢). وزين بكتاب «البخلاء» البخل في اعين البخلاء. وصنف كتابا في «النواميس»
__________________
(١) هكذا في المخطوط ؛ والمرجح ان يكون المقصود المعرفة لا تروى ، بمعنى انه لا يكتسبها شخص من آخر ويجوز ان تكون الكلمة «مرويّة».
اما الكلام من «ونسبه ان يكون غلطا ... عنده» زائد هنا وغير وارد في كتاب «الفرق».
(٢) اسم كتاب «في الفخار والمؤاجرين» غير وارد في كتاب «الفرق». انظر ط. الكوثري ص ١٠٦ ؛ ط. بدر ١٦٢ ط. عبد الحميد ص ١٧٧ ومختصر الفرق للرسعني ص ١١٨.