ضدا لجميع الاجسام. وحسبه من هذه الفضيحة دعواه ان الله تعالى يقدر ان يفني جملة لا يقدر على افناء بعضها.
ومن فضائحه قوله ان الطهارة (١) غير واجبة ، وذلك انه مع ابيه قالا ببطلان الصلاة في دار مغصوبة ، واجاز الوضوء بماء مغصوب ، وفرق بينهما بان الطهارة غير / واجبة ، وانما امر الله العبد ان يصلي اذا كان متطهرا. واستدل على ان الطهارة غير واجبة بان غيره لو طهره مع كونه صحيحا أجزأه. ثم طرد هذه الاعتدالة في الحج ، وزعم ان الوقوف والطواف والسعي غير واجب في الحج ، لانه يجزيا كل ذلك اذا فعله راكبا. واوجب الدعاء والاحرام في الحج. فجعل ما اوجبته الامة في الحج غير واجب ، وما لم توجبه الامة من الدعاء فيه واجبا. ويلزمه على هذا الاعتدال ان لا يوجب الزكاة والكفارة والنذور وقضاء الديون ، لان وكيله ينوب عنه فيها. وفي هذا ابطال احكام الشريعة ما اضمر غيره لقوله بما يؤدي إليه. ولو لا ابن عباد في وزارته دعا الاعمار الى بدعته لاضمحلت بدعته. والملحد يبصر الملحد ، وابن عباد ...
يقول :
/ صاحبنا احواله عالية |
|
لكنما عرفته خالية |
فان عرفت السر من حاله |
|
لم تسأل الله سوى العافية (٢) |
فهذه فرق الاعتزال التي اكفرت بعضها بعضا ، كقول الله تعالى في امثالهم (فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) (المائدة ١٤).
واكثرهم يكفرون عامتهم المقلدين لهم (قسوة) لاتباعهم مع قول الله تعالى فيهم : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا (وَرَأَوُا الْعَذابَ) وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ.) (البقرة ١٦٦) (٣).
__________________
(١) يقابل ما جاء في الفضيحة التاسعة في كتاب «الفرق» (ذات المصادر المذكورة في رقم ٥ في الصفحة السابقة).
(٢) الكلام الخاص بابن عباد وكذلك شعره غير وارد في كتاب «الفرق».
وهنا ينتهي الكلام عن البهشمية ويبدأ الكلام عن المعتزلة اجمالا.
(٣) وردت الآية هنا في المخطوط ناقصة (ورأوا العذاب).