فاذن كتاب «الملل والنحل» هو قطعا كتاب لعبد القاهر البغدادي ، وقد ذكره هو صراحة في كتابه «الفرق بين الفرق» (١) ، وذكره أيضا صهره وتلميذه ابو مظفر الأسفرايني في كتابه «التبصير في الدين».
ثم ان كتاب «الملل والنحل» اسبق عهدا من كتاب «الفرق بين الفرق» اذ انه اتى ذكره في هذا الكتاب الأخير.
اما وصف الأسفرايني المقتضب لكتاب «الملل والنحل» هذا فانه ينطبق تماما على ما جاء في هذه المخطوطة. يقول الأسفرايني عنه : «كتاب «الملل والنحل» في اصول الدين ، هو كتاب لا يكاد يسع في خاطر بشر انه يتمكن من مثله لكثرة ما فيه من فنون علمه».
وفعلا من يطالع هذه المخطوطة يجد فيها عرضا وافيا لمختلف فرق الرافضة ، والخوارج ، والمعتزلة ، والمرجئة ، والجهمية والكرامية ، وبما اختلفت هذه الفرق عن اهل السنة والجماعة ، مما يدل على معرفة واسعة لمختلف الفرق التي ظهرت منذ بداية الاسلام حتى عهد عبد القاهر البغدادي.
ان أبا الحسين عبد الرحمن الملطي المتوفى ٣٧٧ ه بكتابه «التنبيه والرد على اهل الاهواء والبدع» قد سبق عبد القاهر البغدادي في عرض مواقف الفرق ؛ ولكن هذه المخطوطة ـ وهي بلا شك كتاب «الملل والنحل» للبغدادي ، تتميز عن كتاب «التنبيه» للملطي بالوضوح والترتيب والجلاء.
__________________
(١) ذكره في كتاب «الفرق بين الفرق» عند كلامه عن الاباضية والبيهسية (ط. بدر ص ٨٩ ، ط الكوثري ص ٦٥ ، ط عبد الحميد ص ١٠٩) وذكره في آخر الباب الثالث في بيان مذاهب المشبهة (ط بدر ص ١٢٩ ، الكوثري ص ١٤١ عبد الحميد ص ٢٣٠) وذكره أيضا في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع من «الفرق» عند كلامه عن اصحاب التناسخ (ط بدر ص ٢٥٤ ـ ٢٥٩ ط الكوثري ص ١٦٢ ـ ١٦٥ ط عبد الحميد ص ٢٧٢ ـ ٢٧٦) حيث جاء ذكر كتاب «الملل والنحل» مرتين في هذا الفصل.
وكذلك ذكر البغدادي كتابه «الملل والنحل» في آخر الفصل الثالث من الباب الخامس لكاتبه «الفرق بين الفرق» (ط بدر ص ٣٥٢ ط الكوثري ص ٢١٧ ط عبد الحميد ص ٣٥٨).