ولا يوصف الفاسق باسم المدح. ويلزمهم على هذا ان لا يسموه موحدا ولا عارفا بالله تعالى ، لان هذين الاسمين من اسماء المدح (١).
ثم ان واصلا شان بدعته في القدر وفي المنزلة بين المنزلتين بحكمه في علي وطلحة والزبير ، فقال لو شهد علي وطلحة والزبير عندي على باقة بقل ، لم احكم بشهادتهم (٢) ؛ ولو شهد عندي علي مع واحد من عسكره قبلت شهادتهما ؛ وانما لا أقبل شهادة رجلين احدهما من عسكر علي والآخر من عسكر طلحة والزبير ، لان / احد الفريقين فاسق ، من اهل النار ، وان لم يعرف الفاسق منهما بعينه ، كالمتلاعبين احدهما فاسق لا بعينه ولا يقبل شهادتهما بفسق احدهما. ونتيجة هذا القول انه يجوز عند واصل ان يكون علي وابناه وابن عباس ، وعمار بن ياسر ، وابو أيوب الانصاري وسائر من كان في عسكر علي يوم الجمل فسقة مستحقين للخلود في النار ، لا مؤمنين ولا كافرين ، ويجوز ان يكون طلحة والزبير وعائشة واتباعهم هم الفسقة المخلدون في النار. فهذا رجل قد شك في ايمان الخيار من الصحابة الذين شهد لهم الرسول صلىاللهعليهوسلم بالجنة ، واخبر الله برضاه عنهم في بيعة الرضوان.
فهذه بدع واصل. وقد ادعت المعتزلة لواصل كرامات ، كذبوا في بعضها ، وقلبوا في بعضها / مثل مناقب : فزعموا انه صحب محمد بن علي بن الحنفية ، وعبد الله بن علي بن أبي طالب واخذ عنهما مقالته (٣) ، ومدحوه بانه كان الثغ في حرف الراء ، فاحتال لاخراج الراء من كلامه. فزعم انه (بدأ) (٤) في مجلس عبد الله ابن عمر بن عبد العزيز خطبة لا راء فيها. وهذه خرافات امانيهم في الغرور. وقيل لهم لو كان على رأي محمد وعبد الله ابني علي بن ابي طالب لما رد شهادة
__________________
(١) كل ما جاء في ذكر الواصلية هنا ملخص لما جاء فيما بعد في كتاب «الفرق بين الفرق» (انظر ط. بدر ص ٩٦ ـ ٩٨ ، ط. الكوثري ص ٧٠ ـ ٧١ ط. عبد الحميد ص ١١٧ ـ ١١٨ وأيضا مختصر الفرق للرسعني ص ٩٧ ـ ٩٨).
(٢) جاء في المخطوط : بشهادتهما.
(٣) الكلام من «فهذه بدع واصل ... الى مقالته» غير وارد في «الفرق».
(٤) هذه الكلمة غير واضحة في المخطوط ؛ لعلها «بدأ».