فيعد نفسه ناصرا ، وفي الوقت نفسه يعدّ المؤمنين ناصرين أيضا.
٥. يقول سبحانه : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) (١) ترى أنّه سبحانه ينسب أمر الخلق إلى رسوله بصراحة ، حتى أنّ الرسول يصف نفسه به ويقول : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) (٢) ومع ذلك انّ القرآن الكريم يخصّ الخالقيّة بالله سبحانه في كثير من الآيات التي تعرّفت عليها ، ولا يحصل الجمع بين هذه الآيات إلّا بالقول بأنّ الخالقية النابعة من الذات غير المعتمدة على شيء تختص به سبحانه ، ومثله سائر الأفعال من الرزق والزرع والغلبة والنصرة ، فالكل بالمعنى السابق مختص به سبحانه لا يعدوه ، لأنّها من خصائص الواجب ولا يوصف بها الممكن.
وأمّا الفعل المعتمد على الواجب ، المستمد منه فهو من شأن العبد يقوم به بإقدار منه سبحانه وإذنه. ولأجل ذلك يكرّر سبحانه لفظة : (بِإِذْنِي) أو : (بِإِذْنِ اللهِ) في الآيات المتقدّمة ، وهذا واضح لمن عرف ألفباء القرآن. والأشعري ومن تبعه قصّروا
__________________
(١). المائدة : ١١.
(٢). آل عمران : ٤٩.