أفعال العباد عن حريم إرادته سبحانه (١).
يلاحظ عليه : أوّلا : أنّ الاستظهار مبنيّ على تفسير الإرادة بالإرادة التكوينية التي تكون مبدأ للإيجاد والخلق ، لكن لما ذا لا يكون المراد منها الإرادة التشريعية المتجلّية في الأمر بالمصالح والنهي عن المفاسد؟ وقد مضى تفسير الإرادة التشريعية وانّ وزانها وزان الإرادة التكوينية في أنّهما يتعلّقان بفعل المريد ، غاية الأمر لو كانت الإرادة مبدأ للإيجاد والخلقة نسمّيها إرادة تكوينية ، وإن كانت مبدأ لجعل الأحكام والقوانين والسنن تسمّى إرادة تشريعية.
فوزان هذه الآيات ونظائرها وزان قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٢).
وقوله سبحانه : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣).
نعم لقائل أن يقول : إذا كانت إرادته التشريعية لا تتعلّق بهذه الأمور الثلاثة ، فأولى أن لا تتعلّق بها إرادته التكوينية أيضا ، إذ لا
__________________
(١). المفيد : تصحيح الاعتقاد : ١٦ ـ ١٨.
(٢). النحل : ٩٠.
(٣). الأعراف : ٢٨.