يكون الفعل عنده واجب الصدور ، عن العبد ، بحيث يمتنع تخلّفه عنه وإلّا فلو لم يكن الفعل مع ذلك المرجّح واجب الصدور ، وجاز وقوع الطرف الآخر يلزم أن يكون تخصيص أحد الطرفين بالتحقّق دون الآخر بلا دليل ، فيجب أن يكون أحد الطرفين مع المرجّح واجب الصدور ومعه يكون اضطراريا لا اختياريا.
والظاهر أنّ مراده من المرجّح هو العلّة ، فعندئذ يقال بعبارة موجزة : إنّ صدور الفعل من العبد ، فرع صدور العلّة منه ، فهل صدور العلّة منه ، لمرجح راجع إلى نفس العبد ، أو إلى الله؟ فعلى الأوّل ينتقل الكلام إلى صدور ذلك المرجّح ، فهو أيضا لمرجّح صادر من العبد فيتسلسل ؛ وعلى الثاني ، ينتفي الاختيار ، إذ عند حصول ذلك المرجّح يجب الفعل ، وعند عدمه يمتنع الفعل.
ثم إنّ ما ذكرنا من التقرير موافق لما ذكره الفاضل المقداد في إرشاده (١) ، والشريف الجرجاني في «شرح المواقف» (٢).
وأمّا ما ذكره المحقّق الطوسي بقوله : والوجوب للداعي لا ينافي القدرة كالواجب (٣) فالظاهر أنّه إشارة لدليل آخر سيوافيك
__________________
(١). إرشاد الطالبين : ٥٦٥.
(٢). شرح المواقف : ٨ / ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٣). العلّامة الحلّي : كشف المراد : ٣٠٨ ذيل المسألة السادسة : انّا فاعلون.