الضدين اللّذين لا ثالث لهما ؛ أو يقع أحدهما دون الآخر وهو أيضا محال ، لأنّ وقوع أحدهما ليس أولى من الآخر ، لأنّ الله تعالى وإن كان قادرا على ما لا نهاية له ، والعبد ليس كذلك ، إلّا أنّ ذلك لا يوجب التفاوت بين قدرة الله وقدرة العبد (١) ، فلا محيص عن سلب الصلاحية عن قدرة العبد مطلقا ، فيتعيّن وقوع ما أراده الله سبحانه.
يلاحظ عليه : أنّه يقع مراد الله دون مراد العبد ، وذلك لا لعدم صلاحية قدرته ، بل مع الاعتراف بصلاحية قدرته للتأثير في الفعل ، لكن في المقام خصوصية تمنع عن تأثير قدرته ، وهو أنّ قدرته قدرة تامة ، دون قدرة العبد ، لأنّ من شرائط فعلية قدرته ، أن لا تكون ممنوعة من ناحية قدرة بالغة كاملة ، فتعلّق قدرته سبحانه بالحركة تكون مانعة عن وصول قدرة العبد ، إلى درجة التأثير والإيجاد ، فإحداهما مطلقة والأخرى مشروطة ، ولأجل ذلك لو لم تكن ممنوعة ، وقع مراد العبد قطعا.
والحاصل : انّ عدم تأثيرها ، ليس لعدم صلاحيتها للتأثير مطلقا ، بل لأجل كونها مقرونة بالمانع ، فكيف يستدل بمورد له
__________________
(١). الرازي : الأربعون : ٢٣٢.