الأصغر لشدّة علاقته بالأكبر ، ومن البديهي انّ اختياره السقوط على الأوّل ليس من جهة شوقه إلى هلاكه أو موته وإرادته له ، ولو كانت الإرادة علّة تامة للفعل ، لكان صدوره منه محالا ، لعدم وجود علّته وهي الإرادة ، وانّما الفعل معلول إعمال القدرة وسلطان النفس لا إرادة الفعل.
فاستنتج من هذه الأمور الثلاثة أمرين :
الأوّل : انّ الإرادة لا تكون علّة تامة للفعل ، ولا توجب خروجه عن تحت سلطان النفس واختياره.
الثاني : على فرض التسليم ، انّ العلّة غير منحصرة فيها ، بل هناك علّة أخرى وهي إعمال القدرة والسلطنة للنفس (١).
هذا كلّه حول الامر الأول.
وأمّا الامر الثاني ، أعني : انّ الفعل الاختياري ما أوجده الإنسان باختياره وإعمال قدرته ، وهو بكافة أنواعه مسبوق بإعمال القدرة والسلطنة ، وحاصل ما أفاده هو ما يلي :
انّه إذا ثبت انّ الإرادة ليست علّة تامة للفعل ، فبطبيعة الحال
__________________
(١). انّه ـ قدس سرّه ـ ذيّل كلامه بالبحث عن قاعدة : «الشيء ما لم يجب لم يوجد» وانتهى إلى أنّها مختصة بالأفعال غير الاختيارية ، وقد مرّ الكلام فيه عند البحث عن القاعدة. فلاحظ.