صميم ذاتها) في غنىّ عن الخوض في هذه المباحث وقد عرفت أنّه وصل الى نفس ما وصل إليه السيد الأستاذ ، فحرية النفس الذاتية تكفي في رد الجبر ، وإثبات اختيار الفعل والإرادة ، سواء كانت الإرادة علّة تامة أو لا ، وسواء أصحت قاعدة : «الشيء ما لم يجب لم يوجد» أو لا ، ولكنه خاض غمار هذه المسائل العقلية وخرج بنتائج غير تامة ، وإليك الإشارة إليها :
الأوّل : الفرق بين حركة يد المرتعش وتحريك اليد يمنة ويسرة هو الفرق بين الفعل المفروض على الإنسان من غير طلب واختيار ، والفعل الذي فرضه الإنسان على نفسه ، فكون الإرادة علّة تامة للفعل غير المنفكة عن المراد ، لا ينافي كون الفاعل هو الذي فرض الفعل على نفسه عن اختيار سابق على الإرادة.
ولنا أنّ نستوضح الحال بمثال آخر ، وهو الفرق بين سقوط من ألقى نفسه من شاهق ، ومن دفعه شخص آخر منه ، فإنّ السقوط بما هو هو ـ بعد الاندفاع ـ أمر خارج عن الاختيار ، لكن يعاقب على الأوّل دون الثاني ، وما هذا إلّا لأنّ الفاعل في الأوّل هو الذي فرض الفعل على نفسه عن اختيار ، والثاني هو الذي فرض الغير عليه ، وعلى ضوء ذلك فوضوح الفرق بين