النتيجة ، فربما ، يسعى الولدان ، لتغيير ما أوجده التعلّم من الآثار الطيّبة أو الخبيثة.
ولا يقلّ عنه العامل الثالث ، فقد أثرت البيئة الفاسدة على امرأة نوح وامرأة لوط ، فافسدتهما (١) وفي الوقت نفسه بقيت في بيت نوح عدة على صلاحهم وفلاحهم. فهذه العوامل بأجمعها معدات ، لا علّة تامّة في بناء الشخصية الحتمية غير القابلة للتغيير.
ثانيا : أنّ العوامل المكوّنة للشخصية الإنسانية لا تنحصر في العوامل الثلاثة المذكورة وانّما اختارها المادي ، لأنّها تناسب ما يبتغيه ، كيف وانّ هناك أبعادا روحية للإنسان وأحاسيس خاصة ، توحى إليه خير الحياة وتدفعه إليها ، بحماس ، وان لم يكن علّة تامة أيضا في التخطيط ، وهي عبارة عن الإدراكات النابعة من داخل الإنسان وفطرته من دون أن يتدخل في الإيحاء عامل خارجي ، كمعرفة الإنسان بنفسه وإحساسه بالجوع والعطش ، ورغبته في الزواج في سنين معينة ، والاشتياق إلى المال والمنصب في فترات من حياته. تلك المعارف ـ وإن شئت سمّيتها بالأحاسيس ـ تنبع من ذات الإنسان وأعماق وجوده.
__________________
(١). لاحظ التحريم : ١٠.